رؤية الحركة الاسلامية للاصلاح

مقدمة:

الإصلاح مهمة الرسلوالأنبياء وأتباعهم على مدار التاريخ والزمان، وشعارهم الدائم المعبر عن جوهررسالتهم {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيإِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }هود88. وان قيامالمجتمع على أساس من الصلاح ونهوض قواه ونخبه وطلائعه وأبنائه بواجب الإصلاح، حركةوجهداً عملياً، سبب رئيس في بقائه واستمرار نمائه {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَالْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }هود117. فوجود الإصلاح في المجتمعوالدولة، حركة وبرامج، وواقعاً عملياً ملموساً دليل عافية وحياة متطورة، قائمة علىالعدل والشورى والوئام والسلام الاجتماعي، وغيابه يعني الجمود والتعفن والظلموالتيه والتخلف والفساد المنذر بوقوع غضب الله سبحانه أولاً، وانتهاء الفعاليةالمعنوية والحضارية ثانيا. انطلاقاً من هذه الرؤية السننية الكونية، نشأت حركاتاسلامية عديدة، تبادلت الادوار في الاصلاح والتغيير لواقع الامة، واستندت الى جهودبعضها بعضاً، مستثمرة خبرات من سبق، ومتعظة بتجاربه ومراكمة التطوير والانجاز عبرعمليات تكاملية متوالية، فحين كان يضعف مركز الخلافة، والسلطة المركزية للدولة الاسلاميةعبر التاريخ الطويل، تنشأ دول او دويلات، على اصول فكرية دعوية، او قبلية تتوجهلحمل رسالة اصلاح شامل او جزئي في البقعة الجغرافية، والمنطقة السكانية التي وقعتتحت سيطرتها وفي اطار سيادتها. وتسود هذه الدول أو الدويلات عادة بالقدر الذيتمكنها فيه قدراتها، وعوامل بقائها وفعالياتها او الزمن الذي يستغرقه نشوء الدولةالمركزية واستواؤها، كما شهدت بذلك مسيرة الدولة الاموية والعباسية والعثمانية،وعلى هذا الدرب سارت اغلب الحركات الاسلامية وبخاصة حركات الاحياء الاسلامي الشاملوفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين، التي انطلقت بعد انهيار الدولة العثمانية عام1924م، تجاهد من اجل اصلاح واقع الامة، ابتغاء توحيدها وبناء نهضتها الشاملة.

إن الإصلاح عملياتومفاعيل دائبة ومستمرة في التطوير و التغيير الايجابي، وتستغرق جهود كل المخلصينمن أجل إنقاذ الأجيال وحماية الأوطان. وإن الناظر في أحوال أمتنا على امتدادرقعتها الجغرافية، يصل إلى حقيقة قاطعة، أنها بحاجة ماسة إلى مشاريع تغييريةإصلاحية جذرية، تنبثق من عقيدتها وثقافتها الخاصة، وهويتها المتميزة، وتدرك حقائقالواقع الخاص وتعقيداته، والواقع العالمي ومعطياته، وتنطلق بقوة وعزيمة نحو الوحدةوالقوة والازدهار، متسلحة بالإيمان بالله، وبشريعة الإسلام، ومستنيرة بهدي النبوة،مستوعبة للواقع الخاص للأمة والعام للعالم ومناحي تقدمه الحقيقية، وتحقق التعاونمع كل القوى المخلصة والخيرة في المجتمع، ومستعينة بأوسع مشاركة شعبية جماهيريةواعية ورشيدة، ومستلهمة الإجماع الوطني على الإصلاح.

أولا : الحركةالاسلامية والاصلاح :

نبذة تاريخية:

مثلت جماعة الاخوانالمسلمين منذ تأسيسها في منتصف القرن الرابع عشر الهجري في مصر، حركة تجديديةبالمعنى الشامل للاسلام، واعتبر مؤسسها الامام الشهيد حسن البنا رحمة الله، احدمجددي القرن. حيث رأى الامام من خلال تقويمه لواقع الامة في ابتداء صياغة تصوراتهلمشروع نهضتها، ان الانهيار قد وقع في مختلف مجالات الحياة، وايقن بناءً على هذاالتقويم ان الاصلاح لابد وان يكون شاملا، اساسه بناء الانسان الفرد والاسرة،ومفتاحه تغيير الانفس اذ : "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم" الرعد 11 .

وقد انطلق منمرجعيات الامة العليا الكتاب والسنة، متمسكا بثوابت الاسلام، ومتجاوزاً ركامالسنين، مستوعبا لخبرات وتجارب من سبق وموظفاً لها، مبدعاً في الرؤى والقواعدوالاهداف والوسائل. وبعد أن استكملت الجماعة بناها النظرية الفكرية والتنظيميةالواقعية، انتقلت الى مختلف الاقطار العربية، على ايدي ثلة كريمة من ابنائها، ومنهذه الاقطار كانت فلسطين والاردن، حيث تأسست في هذين القطرين العربيين في عامي1945م و 1946م على التوالي، لتنطلق في مشروعها الاصلاحي، تركز على تصحيح مفاهيمالاسلام في أذهان العامة، وتنبه الى خطر الوجود البريطاني، وتحذر من خطر المشروعالصهيوني في فلسطين الذي يهدد المشروع الحضاري للأمة الاسلامية، وقد عبرت الجماعةفي الاردن عن رؤيتها تلك في مشاركتها في حرب فلسطين عام 1948م، مع جماعة الاخوان فيكل من مصر وسوريا والعراق وفلسطين، حيث كانت جماعة الاخوان المسلمين، الحركةالشعبية العربية الوحيدة من خارج فلسطين التي شاركت في الجهاد ضد المشروعالصهيوني، وقدمت عشرا ت الشهداء على مختلف الجبهات. وقد اغتيل مؤسس الجماعة في مصرالامام حسن البنا عام 1949م بعد هذه المشاركة الجهادية وعلى اثر دور الجماعة فيالتعبئة الجماهيرية ضد المشروع الصهيوني.

واستمرت الجماعة فيالاردن بعد ذلك تطور برامجها وادواتها، نحو تحقيق هدف استئناف الحياة الاسلامية فيالمجتمع كله، وانخرطت في العمل السياسي، ضد الوجود البريطاني، وحلف بغداد، ورغمالاختلاف الذي ساد حينها مع القوى القومية واليسارية نتيجة تأزم العلاقة بينالجماعة والنظام في مصر، الا انها شاركت مع هذه التيارات في رفض حلف بغداد، وفينزول القوات البريطانية في الاردن عقب انقلاب 1958م في العراق.

ولقد امنت الجماعةبضرورة المشاركة في الحياة السياسية مع العمل في المجال الاجتماعي والثقافي،فشاركت في انتخابات 1956م، وفي انتخابات عام 1963م، وما زالت تشارك في الحياةالسياسية وفي مقدمتها النيابية ايماناً منها بأهمية المشاركة في عملية الاصلاح.وبقيت تحمل هم فلسطين، وتعتبرها القضية المركزية الاولى لها، حيث قامت بمبادرةمنها مع عدد من الحركات الاسلامية بانشاء المؤتمر العام لبيت المقدس عام 1953م،بهدف حشد كل الطاقات من أجل مقاومة المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين . وكانتالجماعة من اوائل من حذر من محاولات دخول الاستعمار الامريكي الى الاردن من خلال برنامجالمساعدات الامريكية والذي اشتهر باسم النقطة الرابعة، مدركة لخطورة نظرية سدالفراغ التي اعتمدتها امريكا في منتصف القرن المنصرم.

كما كان الاخوانالمسلمون اول من حذر من سرقة الكيان الصهيوني للمياه الاردنية. وفي الفترة التيعانت فيها الجماعة من الانحسار في الستينيات، اتجهت لمتابعة قضايا المجتمع المدنيوفي مقدمتها قضايا العمال والمرأة والمعلمين والطلبة، وتم بناء العديد من المدارسالاسلامية لاسيما في بعض مناطق اللاجئين مثل مخيم عقبة جبر والكرامة، كما بقيتتطالب بالحياة النيابية وبالحريات العامة. وانشأت عددا من الجمعيات الخيرية وخاصةجميعة المركز الاسلامي، التي انتشرت بفروعها ولجانها ومؤسساتها في مختلف المحافظاتوالمدن في المملكة وأنشأت أندية رياضية ومؤسسات ثقافية مختلفة.

لقد كانت هزيمة عام1967م ذات وقع صاعق على الامة وعلى طلائعها الحية، كما كانت مرحلة تاريخية جديدةفي حياة الجماعة، حيث شاركت في العمل الفدائي ضمن قدراتها ومن خلال حركة فتح، بسبالحيلولة بينها وبين تشكيل تنظيم مسلح مستقل، لضغوط سياسية ورسمية عربية، واستشهدعدد من خيرة ابنائها، وكثمرة لرؤيتها لطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني، وانطلاقامن ايمانها بحصر هذا الصراع معه، وتجنيب الامة أي شكل من اشكال الفتنة، اوالاقتتال الداخلي، وحرصا على وحدة ابناء الشعب الواحد، واستقرار الوطن وامنه، فقدتجنبت الجماعة المشاركة في الفتنة التي حصلت عام 1970م، وجهدت طوال السنين اللاحقةوحتى اللحظة، في ازالة ما خلفته تلك الاحداث من ترسبات وادران، وفي تدعيم الوحدةالوطنية وشد اواصر الاخوة في المجتمع.

كما تبنت فيبرامجها المختلفة محاربة الفساد بكل اشكاله ومعارضة السياسات التي لا تعبر عن ضميرالامة، مطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية، وداعمة لكل جهد وحدوي عربي او اسلامي،ومؤيدة ومساندة لكل سعي مقاوم للاحتلال في فلسطين خاصة.

لقد عبرت الحركةالاسلامية في الاردن عن رؤاها للاصلاح بطرق مختلفة منذ نشأتها، سواء عبر ما طرحتهمن شعارات او ما قدمته من رؤى، او ما صاغته من برامج وخاصة منذ عام 1989م، عندمشاركتها الواسعة في الانتخابات النيابية، وتولى أحد قيياديها رئاسة المجلس لثلاثدورات متتالية، ومازالت تنفرد بالمشاركة النيابية من خلال قائمة معلنة واحدة،وبرنامج اصلاح شامل خاص بها، كما شاركت في حكومة السيد مضر بدران عام 1991م،ادراكاً منها لخطورة المرحلة اثر العدوان الثلاثيني على العراق، واسهمت الحركةبشكل فاعل في صياغة رؤى وبرامج عملية مختلفة، حيث أكدت على صون الحريات العامةوالتمسك بالحقوق الشرعية والدستورية، وتداول السلطة وحق المرأة في الانتخابوالترشيح وعلى التعددية السياسية، واشاعة العدل في مختلف المؤسسات، وحق الشبابوالطلاب في تكوين اتحادات عامة تمثلهم، واستقلال القضاء ومحاربة الفساد، وقد طورتبالتعاون مع القوى السياسية والاجتماعية صيغاً للعمل المشترك... الخ. وان ما تقدمهالحركة الاسلامية من مشروع للاصلاح الشامل اليوم فانما هو تطوير لرؤاها وبرامجهاالمعلنة منذ عقود من الزمن، وهو مشروع ينطلق من فهم واع للمرحلة الحاضرة وما يحيطبها من مؤثرات وعوامل داخلية وخارجية ويمهد لخطوات لاحقة متدرجة باذن الله وصولاالى الاصلاح المنشود، حيث تأسست الحركة منذ اليوم الاول تحت شعار "ان اريدالا الاصلاح ما استطعت "..

ثانياً: أهدافالمشروع :

يهدف المشروع الىتحقيق إصلاح وطني شامل، ينهض بالأردن، على مختلف الصعد السياسية، والاجتماعيةوالاقتصادية، والعلمية والثقافية والتربوية، ويعمق انتماءه لهويته العربيةالإسلامية، والى تمكين الدولة الاردنية من القيام بواجباتها الوطنية والقوميةوالاسلامية، واحدث نقلة نوعية نحو تعزيز الشورى والديموقراطية، واكساب الاردنمزيداً من القوة والمنعة، والاستقلال، في مواجهة الاستهدافات والتهديدات الإقليميةوالعالمية وفي مقدمتها استهدافات المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي، ومشاريعالاحتلال والهيمنة الأجنبية.

ثالثاً: أهميةالمشروع ومسوغاته وتوجهاته الأساسية:

لا يخفى على أحد أنللاردن دورا هاما ورئيسا في المنطقة العربية ومستقبلها، بحكم موقعه الجغرافيوخصوصية العلاقة الاردنية الفلسطينية ووقوعه على خط المواجهة الاساسي مع المشروعالصهيوني في المنطقة.

وقد سارت الدولةالاردنية منذ اوائل التسعينيات وبالخصوص بعد معاهدة وادي عربة، باتجاهات سياسيةواقتصادية واجتماعية خطرة، تسببت في تراجع عن المسيرة الديموقراطية التي لاحتبوادرها بعد انتخابات عام 1989م، وتعثر اقتصادي متواصل، ولم تتمكن الحكوماتالمتعاقبة من معالجة سلبيات هذه البرامج والاتجاهات، لاستشراء الفساد وغياب الجديةالحقيقية في المعالجة، ما شكل عبئا ثقيلا على الفرد والمجتمع وتسبب في فشل فيبرامج التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

كما أسهمت المعاهدةوتداعياتها في تحجيم دور السلطة التشريعية، وقزمت ارادة الامة وسلطتها بتطبيققانون الصوت الواحد "المجزوء"، وانحسرت الحريات العامة، وحوصر العملالحزبي والنقابي والطلابي والجماهيري باصدار قوانين المطبوعات والاجتماعات العامةوالعقوبات، وتفاقم الفقر والبطالة، وشاع الفساد الاخلاقي والاداري والمالي، وفتحتأبواب التطبيع مع الكيان الصهيوني على مصاريعها، واصبحت اتفاقية وادي عربةالمشؤومة مرجعية في صياغة السياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية والتربويةوالخارجية، واصبحت مقياسا لصياغة الواقع، وارتهن الاقتصاد الوطني للاقتصادالصهيوني ولارادة المؤسسات المالية الدولية، كما شهدت المرحلة ومازالت تراجعاًكبيراً في الالتزام بقضايا الامة المصيرية سواء في فلسطين او العراق أو غيرهما،وهناك نخر في الوحدة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، والمكتسبات الوطنية، وتفشيالتغريب والتشويه لهوية المجتمع وقيمه العربية والاسلامية، ولم يتوقف العمل علىمحاولة تهميش وحصار الحركات الشعبية، ومؤسسات المجتمع الاهلي .

لقد شكلت الحركةالاسلامية دوما عاملا اساسيا في الاستقرار والحفاظ على هوية المجتمع ووحدتهالداخلية، لكنها تعرضت وما زالت لحملات سياسية وأمنية منظمة تهدف الى تحجيمتأثيرها ومشاركتها في قيادة الدولة والمجتمع، وبرغم المحاولات المتواصلة من قبلالحركة لتطوير الواقع الاجتماعي والسياسي العام والعمل الوطني المشترك، الا انالقوى المتضررة من الاصلاح واصلت عملها للحيلولة دون تحقيق ذلك.

وللخروج من واقعالمعاناة التي يعيشها المواطنون في الأردن، من تراجع الحريات العامة، وتزايد تدخلالأجهزة الأمنية في شؤونهم، وفي ظل اخفاق الحكومات في محاربة الفساد بمختلفأشكاله، وعدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة للغالبية العظمى منالمواطنين، واحداث التنمية اللازمة للمجتمع نحو التطور والتقدم، رغم كل الشعاراتالتي طرحتها الحكومات في خططها وبياناتها، فان الحركة الاسلامية في الاردن تقدمهذا المشروع الاصلاحي الشامل، أداءً للأمانة والمسؤولية الشرعية والاخلاقية،ونهوضاً بالواجب الوطني.

تستند الحركة فيهذا المشروع إلى رؤيتها الشاملة، ورؤية المجتمع الأردني العربي المسلم للإصلاحالسياسي والديمقراطية والشورى وما يتعلق بها على مختلف الصعد، بوصفه مشروعا اصلاحياحضاريا شاملا يسعى لبناء الأردن الديموقراطي الشوري المستقل والمنيع. وفي ضوءقراءتها الاستراتيجية للتحولات الماضية، واستشراف آفاق المستقبل عربيا واسلامياودوليا، واستنادا إلى المصالح العليا للامة والشعب الأردني، واستحضاراً للأخطارالكبرى المحيطة بالأردن وفي مقدمتها الكيان الصهيوني، منطلقة من ثقتها بقدراتشعبنا في الاردن على تلبية احتياجات الاصلاح والتجاوب الفعال معها، وايماناً منهابحق شعبنا في حياة اجتماعية وسياسية كريمة ومتقدمة على مختلف الصعد.

ويأتي هذا المشروعاسهاما من الحركة في صياغة المشروع الحضاري العربي-الإسلامي النهضوي الشامل للأمة،الذي يسعى الى بناء واقع سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي متقدم ينافس بقية الاممويشاركها رسم مستقبل العالم ومصيره. وتأمل الحركة من هذا المشروع أن يسهم في احداثنقلة نوعية اصلاحية عميقة وشاملة ومستمرة في البلاد، بما يضمن استقلال القراروالسياسات الوطنية، ويقدم نموذجاً للمنطقة العربية.

وهي في ذلك تنظربعمق الى ما شهدته المنطقة العربية والعالم من تغيرات استراتيجية متعددة خلالالسنوات الخمس الماضية، وعلى الاخص النتائج التي ترتبت على هذه التغيرات والمتمثلةبفرض القضية الفلسطينية على المجتمع الدولي عبر الانتفاضة والمقاومة، وفشل انظمةالحكم العربية في تشكيل واقع سياسي ديمقراطي في بلادها او قوة ضغط دولي لصالحقضايا الامة، وفي ظل تداعيات احداث 11 ايلول 2001م وما ترتب عليها من حملة ظالمةعلى الامة وعقيدتها وتراثها، مستغلة هذه الاحداث وتحت شعار محاربة الارهاب الذيرفعته الادارة الامريكية وشنت بموجبه عدواناً واسعاً على الامة، استهدف سيادتهاوكرامتها وهويتها الثقافية وثرواتها، اذ قامت باحتلال العراق وأفغانستان تحت دعاوىنشر الحرية والديمقراطية، حيث قامت الولايات المتحدة بطرح مشروع للاصلاح فيالمنطقة الذي نجحت في اعتماد الدول الصناعية الثمانية له في حزيران 2004، معتبرةاياه الاطار الناظم لعلاقاتها في المنطقة، في سعيها لاعادة تفكيك المنطقة وتركيبهاعلى اساسه وبما يحقق مصالحها.

وتعتقد الحركة انالاصلاح الشامل الذي تنشده في ظل هذه الرؤية انما هو تطوير كبير ونقلة نوعية فيالبنية والاداء للنظام السياسي بمختلف تشكيلاته القيادية التنفيذية منهاوالتشريعية والقضائية وفي المجالات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والفكريةوالهيكلية في الدولة على حد سواء.

ويقوم هذا المشروععلى قاعدة تداول السلطة التنفيذية والشراكة في القرار السياسي في ادارة الدولةوالمجتمع، وتطوير آليات هذه المشاركة لتكون فاعلة ومؤثرة وبناءة في ذات الوقت،والذي يقتضي احداث ما يلزم من تطويرات وتغييرات داخلية تنظيمية وسياسية وفكريةممكنة لتتناسب مع معطيات هذا المشروع، وذلك لضمان تحقيقه اهدافه ببناء نظام سياسيديمقراطي شوري مستقر في البلاد، وتمتين ارتباطه بمشروع الامة الحضاري الاوسع،والاسهام في إزالة المعيقات التي حالت دون تقدم الاردن والامة طيلة العقودالماضية.

رابعاً: المنطلقاتوالمبادئ العامة

تعتمد رؤيتناالفكرية والسياسية الكلية على عقيدة الامة ومقاصد الشريعة الاسلامية الكبرى فيحماية النفس والعقل والدين والمال والعرض واقامة العدل، والمتمثلة في منظومةالمنطلقات والمبادئ التالية:

1- الاستناد الىعقيدة الأمة ومبادئها وثقافتها وهويتها الحضارية التي تتسم بالوسطية والتسامحوالتعاون، كما بينها القرآن الكريم، والتي تؤسس على قيم العدل والمساواة والكرامةالبشرية باعتبارها حقوقاً ثابتةً لكل انسان، واعتماد الحوار والدعوة بالتي هياحسن، قاعدة أساسية في بناء مشروع الإصلاح.

2- الاسلام هوالدين المتجدد الذي تتفاعل نصوصه واصوله مع وقائع الحياة ومستجداتها، في اطارمقاصد الشريعة العامة، لتحقق من خلالها مصالح الامة، والشريعة الاسلامية هي مصدرالقوانين والتشريعات، وهي نصوص ثابتة ومقاصد عامة، واجتهاد مستجد، يلبي حاجاتالتطور والتغيير تأكيداً لخصائصه الانسانية والعالمية الخالدة.

3- الاصلاح ضرورةحياتية على مستوى الفرد والمجتمع، فلا تستقيم الحياة، ولا تحقق الأمة ذاتهاووجودها الفاعل، اذا ما تعطل أو تخلف، والإنسان هو محور الإصلاح الأهم في هذاالمشروع.

4- الحركةالاسلامية احدى طلائع الأمة وهي مكون أساسي في مجتمعنا الاردني، مرجعيتها العلياكتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تسعى لاقامة شريعة الله فيالارض، وبناء الحياة على أسس العدل والحرية، في مجتمع مدني مرجعيته اسلامية،وتعتمد لتحقيق ذلك خططاً وبرامج ووسائل وأساليب، قابلة للتقويم والمراجعةوالتجديد.

5- الاصلاح الشاملالحقيقي والاصيل في مختلف المجالات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والتربويةوالتعليمية، لا يكون مجزوءاً ولا نخبوياً ولا مستورداً ولا مفروضاً من الخارج، دوناهمال للتجربة الانسانية في مختلف المجالات، فالحكمة ضالة المؤمن وهو أحق الناسبها.

6- التعدديةالسياسية والفكرية والحرية الدينية منهج مستقر وبارز في فكر وممارسة الحركةالاسلامية، كما تؤمن بالحوار الفكري والسياسي والتفاعل الايجابي مع مكونات المجتمعكلها.

7- الاردن شعباًوأرضاً جزء من أمته العربية والاسلامية، وانتماؤه اليها، وتعزيز الترابط معها،ودعم قضاياها الاسياسية حق وواجب لا يجوز التهاون بهما.

8- الوحدة العربية،والوحدة الاسلامية، هدفان كبيران لأبناء الامة، تسعى الحركة مع كل القوى الخيرةلتحقيقهما بارادة شعبية حرة، بعيداً عن القهر والهيمنة، آخذةً بعين الاعتبارالظروف السياسية والاقتصادية القائمة، والمعطيات الاقليمية والعالمية من حولنا.

9- الشعب مصدرالسلطات، وله وحده حق تقرير مصيره، واختيار حكومته، وطريقة ادارة شؤونه.

10- اعتماد الحواروالمنهج السلمي والحضاري في التغيير والاصلاح الوطني، وفي حل الخلافات الداخلية.

11- الأردن لكلأبنائه، وجميع المواطنين شركاء في المسؤولية والبناء والتنمية، وهم متساوون فيالحقوق والواجبات، والشعب الاردني هو صاحب الحق الأكبر في الاصلاح كما تتوفر أفضلمعايير استحقاقه له.

12- الوحدة الوطنيةفريضة شرعية وضرورة حياتية تتعزز بصون الحقوق، وتحقيق العدالة، ورفض كل أشكالالتمييز العنصري والطائفي والمذهبي والاقليمي والجهوي، وتقديم المصلحة الوطنيةوإعلائها على كل المصالح الفئوية والخاصة.

13- مقاومة المحتل،ورد العدوان، ورفض الهيمنة الاجنبية، والتمتع بالسيادة والكرامة والحرية، حقوقأقرتها الشرائع السماوية، والأعراف الدولية، والتقاليد والثقافات الانسانية،وتأسيساً على هذا فان مشاريع المقاومة والتحرر الوطني في فلسطين والعراق، وعلىمساحة امتداد الأمة والبشرية، حق شرعي، يستوجب كل أشكال الدعم والاسناد والتأييد،من كل أبناء الأمة وكافة أحرار العالم.

خامساً: المصالحالوطنية العليا للأردن

تعرف المصالحالوطنية العليا بأنها الغايات العامة والدائمة التي تسعى الدولة والمجتمع لتحقيقهافي المجالات الحيوية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والعسكريةوالامنية، وتشكل معياراً أساسياً في السياسة الداخلية والخارجية، وهي تخدم المطالبالوطنية التي تمثل طموح الشعب بالوحدة والحرية والرفاه والاستقرار والسيادة، وتضعالحكومات اهدافها الاستراتيجية والوطنية لاستخدام وتطوير قوى الدولة المتعددةلتحقيق هذه المصالح وفق برامج متكاملة.

والمصالح الوطنيةالعليا للاردن كما نفهمها في الحركة الاسلامية ليست معزولة عن المصالح العلياللامة العربية والاسلامية، بل هي جزء منها، رغم كل ما يقال عن مراعاة الواقعالقطري للاردن والتحديات التي يواجهها.

ونعتقد ان المصالحالوطنية العليا للاردن تتشكل على النحو التالي:

1- حماية الوطن،وصون استقلاله، وتأكيد سيادته، وتعزيز أمنه. وهذا يقتضي بناء قوات مسلحة وأجهزة أمنيةعلى مبادئ الامة وقيمها العليا. وتوفير كل مستلزمات التدريب والتطوير، لتكون علىأعلى درجات الجاهزية.

2- تعزيز الوحدةالوطنية، والتصدي لكل الدعوات الرامية الى توهين هذه الوحدة على أسس مذهبية أوطائفية أو جهوية أو عرقية، وهذا يتطلب تفعيل دور المؤسسات التربوية، وأجهزةالتوجيه، كما يتطلب تحقيق العدالة، والتصدي بحزم لكل محاولة لاضعاف نسيج الوحدةالوطنية.

3- الحفاظ علىثوابت الأمة العقدية والحضارية، والتصدي لمشاريع أو محاولات الغزو الفكري والثقافيوتمييع هوية الأمة بكل الوسائل، وفي مقدمتها البرامج التربوية والاعلاميةوالتثقيفية الهادفة.

4- توفير الحياةالكريمة للمواطن الاردني، بتأمين فرص العمل والدخل المناسب، وايجاد البيئةالاستثمارية والتنموية المناسبة.

5- اعتماد مبادئالديمقراطية والشورى وأدواتها بما فيها الاحتكام الى صناديق الاقتراع وفق قانونعادل واجراءات سليمة، والتداول السلمي للسلطة التنفيذية نهجاً ثابتاً للحياةالسياسية.

6- تحقيق التنميةالاقتصادية والاجتماعية والرفاه الاجتماعي، وبناء المجتمع المعاصر والمزدهر،والدولة الاردنية الحديثة القوية، وتنشيط مفاعيل الحياة المدنية الشاملة فيالبلاد.

7- استثمار المواردالطبيعية المتاحة بالصورة الافضل، وإدارتها بطريقة كفؤة، ومتابعة مسيرة التقدمالعلمي والتكنولوجي لاستكشاف المزيد منها وتطويرها واستغلالها، وتنمية المواردالبشرية، وتطوير التقانة في الحياة الاردنية بكل مجالاتها.

8- الحفاظ على دورريادي وحضاري متميز للأردن على المستوى والإقليمي والدولي، والسعي لتعزيز مكانتهفي محيطه، وتفعيل اسهاماته في مجال التعاون الانساني.

9- المصالح الوطنيةالأردنية العليا ليست معزولة عن المصالح العربية والاسلامية بل هي جزء منها،فالاعتداء على الاردن اعتداء على الامة بمجموعها وكذلك الحال بالنسبة لسائرالاقطار وهذا يحتم توطيد عرى التضامن العربي والإسلامي بوصفه ضمانة أكيدة لتحقيقالمصالح الوطنية العليا، والتقدم نحو الوحدة العربية والاسلامية، وتوسيع دوائرالانفتاح على العالم في إطار التمسك بهويته الاصيلة والمصالح المتبادلة.

10- دعم جهاد الشعبالفلسطيني ضد الاحتلال والعدوان والهجمة التوسعية الصهيونية، باعتبار هذا الدعمدفاعاً عن الاردن كما هو دفاع عن فلسطين، حيث يمثل الكيان الصهيوني التحدي الحضاريوالثقافي الأخطر للأردن وللأمة العربية والإسلامية يمجموعها، وعلى الرغم منالاتفاقيات الأردنية مع الكيان الصهيوني، والتي نؤكد رفضنا لها ونعتبرها غير شرعيةولا تحقق مصالح شعبنا وأمتنا، فان هذا الكيان يشكل خطراً مباشراً على المصالحالوطنية العليا للأردن وللأمة العربية، ويمثل مصدرا دائما لتهديد الاستقرار والأمنوالسلم في المنطقة. وهذا يحتم على الاردن أن يضع امكاناته لخدمة الاستراتيجيةالهادفة الى وضع حد لهذا الخطر، والسعي المتواصل للاسهام في انجاز التحرير والعودةوانهاء الاحتلال.

سادساً: الاصلاحالهيكلي والسياسي

يعتبر البناءالهيكلي وصناعة القرار في النظام السياسي، اساس الحكم الراشد والعادل، ونقطة البدءفي عملية الاصلاح. وبناء عليه فان تطوير الواقع الديمقراطي الشوري، وتحقيقالمشاركة الشعبية الواسعة والحقيقية، يقتضيان اعادة النظر في الاطار الناظم للحياةالسياسية والديمقراطية، وهو الهيكلية السياسية والدستور، وعلى الرغم من بلوغالمملكة منذ تأسيسها عمراً ناهز الثمانين عاما، غير ان ثمة عدداً من المعيقاتالدستورية والقانوينة والهيكلية لا تزال تعمل على ابطاء حركة التحول الديمقراطيالشوري، بل وافراغها من محتواها في بعض الاحيان والمجالات، وتقوم قاعدة الاصلاحالهيكلي والدستوري على اساس توسيع المشاركة في صناعة القرار، وتحمل الهيئات التيتمارسها لمسئولياتها كاملة امام ممثلي الشعب، وحتى يتمكن الشعب من اختيار من يمثلهويدير شؤونه بحرية كاملة ومساواة حقيقة، وكذلك حتى تتمكن الدولة والمجتمع منممارسة الشفافية وتداول السلطة، وبناء قواعد التعددية السياسية والفكرية التيتترجم الى برامج تنافسية تصب في خدمة المجتمع وتنميته. وترى الحركة الاسلامية انمن اولويات الاصلاح المطلوبة على هذا الصعيد:

1- إجراء الإصلاحاتالهيكلية والسياسية اللازمة لتفعيل النص الدستوري القائل ان نظام الحكم نيابي ملكيوراثي بحيث يحتل مجلس النواب موقعا يتناسب مع هذا النص الدستوري.

2- النص بوضوح علىان الاسلام مصدر التشريع، وأن تكون القوانين والأنظمة وسائر التشريعات والسياساتالرسمية منسجمة مع هذا النص.

3- تفعيل النصالدستوري الذي يؤكد على "أن الأمة مصدر السلطات"، وهذا يقتضي اقرار مبدأتداول السلطة، وضمان نزاهة العملية الانتخابية بكل مراحلها وفقاً لقانون عادل،واشراف قضائي كامل، وأن يكون القضاء هو مرجعية النظر في الطعون في الانتخاباتالنيابية.

4- فصل السلطاتالتشريعة والقضائية والتنفيذية الثلاث، وضمان استقلالها بصورة عملية وفاعلة، تمنعتغول السلطة التنفيذية على أي منها، وازالة التركيبات المعيقة كمجلس الاعيان منالهيكل السياسي للدولة بوصفه في النهاية جزءا من السلطة التنفيذية التي تعينهوتختار أعضاءه، او ان يتم تشكيله بالانتخاب بعدد محدد عن كل دائرة انتخابية كما هومعمول به في كثير من النظم الديموقراطية.

5- الالتزام بالمدةالدستورية لمجلس النواب كما حددها الدستور، واعادة النظر في مدة الدورة النيابيةالعادية، بحيث لا تقل عن ثمانية اشهر، وتأكيد استمرار الحصانة للنائب طيلة مدةعضويته في المجلس النيابي، وان يتمتع المجلس بالحق الكامل في عقد دوراته التشريعيةوانهائها.

6- انشاء محكمةدستورية، تضع حداً لتوسع الحكومة في اصدار القوانين المؤقتة، وتعيد النظر فيالقوانين التي صادرت حقوقاً دستورية، بحيث غدت مقيدة للدستور ومفرغة له من مضمونه،بدلاً من أن تكون مفصلة له.

7- أن تقوم الحكومةبمهامها الدستورية، وان تتحمل مسئولياتها الوطنية ، وان تكون صاحبة الولاية العامةعلى مختلف الاجهزة والدوائر الرسمية، وأن تتمتع بكامل الصلاحيات التي تمكنها منذلك، لتتم محاسبتها ومراقبتها بصورة فاعلة امام ممثلي الشعب، وحتى يتم اقامة علاقةمتوازنة بين السلطة والمسئولية، ولانهاء حالة الدور الثانوي للحكومة .

8- اعتماد ثقة مجلسالنواب لكل المراتب العليا في أجهزة الدولة، بما في ذلك القضاء، واعتماد السفراءمن لجنة الشئون الخارجية والامن في المجلس.

9- توفير أجواءالطمأنينة، والمناخات الدافعة لأوسع مشاركة جماهيرية وتفاعل شعبي، وسن التشريعات،واتخاذ الاجراءات التي تحقق التمثيل الحقيقي للمواطنين في مختلف السلطات.

10- تشكيل الحكوماتوفقاً لمبدأ تداول السلطة، وعلى أساس البرامج التي تتقدم بها الكتل النيابية لنيلالثقة على أساسها.

11- تفعيل النصالدستوري "المواطنون أمام القانون سواء" في مختلف المجالات، ولا سيماالمساواة بين المواطنين في قوة الصوت الانتخابي، والغاء التمييز بينهم على ايقاعدة كانت، سواءً في التمثيل أوالانتفاع بالحقوق واداء الواجبات، واعتماد مبادئالعملية الديمقراطية الشورية اساساَ من اسس العلاقات الاجتماعية والسياسية فيالدولة.

12- بناء الدولةوالمجتمع على اسس حضارية معاصرة، وبما يقضي على جميع أنواع التمييز القانوني اوالتنفيذي بين المواطنين، ويضمن تقديم المصلحة العليا على المصالح الفئوية والجهويةوغيرها، ويحفظ حرية الانسان وكرامته في المجتمع، بوصفها اساس الاصلاح والبناءوالتشارك في رسم المستقبل.

13- العمل علىتعزيز الوحدة الوطنية بتحقيق العدالة بين جميع المواطنين، وتوفير فرص متكافئة لهم،والتصدي لكل الممارسات التي تعمل على توهين هذه الوحدة.

14- اخضاع اجهزةالدولة جميعا للرقابة المالية والادارية والمحاسبة من قبل مجلس النواب، ووقف كافةالاستثناءات التي تستخدم مدخلا للفساد المالي والاداري وتفشي المحسوبية.

15- المحافظة علىحق المهنيين والعمال في انشاء نقاباتهم الخاصة، وازالة كل العوائق التي تحول دونتمكين بعض المهنيين كالمعلمين من انشاء نقابات ترعى مصالحهم، وضمان حق النقابيينفي اختيار قياداتهم مباشرة من الهيئات العامة، وان تتم التعديلات على قوانينالنقابات من قبل هيئاتها العامة، وصون دورها الوطني والاجتماعي والاقتصادي وفينصرة قضايا الامة.

16- الجيش هو درعالوطن وحامي حماه، وظيفته الاساسية حفظ الامن الخارجي للدولة، وصد أي عدوان يهددكيانها وسيادتها، ولا يجوز الاستعانة به من قبل السلطة التنفيذية بطريقة مباشرة اوغير مباشرة لفرض ارادتها وسيطرتها على المجتمع، او استخدامه للتهديد بقمع الحرياتالعامة، وينبغي ان يسمى وزير مدني للدفاع، وان تبنى العقيدة القتالية للجيش علىالايمان بالله، والجهاد في سبيله، ومواجهة اي عدوان خارجي، وعلى ان المشروعالصهيوني والكيان الصهيوني في فلسطين هو مصدر الخطر الاكبر على الامن الوطني فيالبلاد. كما ينبغي العمل الدائب على رفع قدراته وكفاءاته في مختلف المجالات.

17- الالتزام بالنصالدستوري في تحديد دور الاجهزة الامنية، ووقف تدخلها في الحياة والمؤسسات المدنيةالرسمية منها والخاصة او هيئات المجتمع المدني، وان تخضع للمراقبة من قبل مجلسالنواب.

18- سن القوانيناللازمة، وتطوير القائم منها، للارتقاء بواقع الحريات العامة، والحياةالديموقراطية الشورية الحقيقية، بما فيها التداول السلمي للسلطة التنفيذية، وحريةالصحافة والتعبير، وانشاء المنظمات غير الحكومية، وعلى الأخص فيما يتعلق بقانونالانتخاب، الذي هو مفتاح الاصلاح السياسي والديموقراطي الشوري، بحيث يسهم في فرز مجلسنيابي يجسد ارادة الامة، ومصدريتها للسلطة، وذلك يقتضي أن يكون عصرياًوديموقراطياً يعتمد التمثيل النسبي. واعادة النظر بقوانين الاجتماعات العامةوالبلديات والجمعيات الخيرية والمطبوعات والوعظ والارشاد ومجالس الطلبة، واصدارقوانين جديدة، تترجم المشاركة الشعبية الواسعة وحقوق الجماهير في منهج ديموقراطيشوري صحيح.

19- مقاومة التطبيعمع الكيان الصهيوني بكل اشكاله، والعمل ضمن آليات مناسبة، وخطوات مدروسة، لالغاءمعاهدة وادي عربة، لما جرته من اخطار، واحدثته من تشوهات في مختلف مجالات الحياةفي المجتمع الاردني.

سابعاً: الاصلاح فيمجال القضاء

السلطة القضائية،والقضاء النزيه الفاعل المستقل، هو المرجعية في تحقيق العدل، وهو ملاذ المظلومينوالضعفاء في حماية الحقوق، ومنع الطغيان من كل مصادره الفردية والجماعية، وبكلاشكاله السياسية، والمالية، والاجتماعية. ولا اصلاح حقيقياً بغير اصلاح قضائي، ومنأجل ذلك لا بد أن تحقق الشروط التالية:-

1- استقلال القضاءاستقلالاً تاماً بكل درجاته، بما في ذلك الاستقلال المالي والاداري، ومنع كافة سبلالتدخل الحكومي فيه، سواء في التعيين أو الترقية او الاجراءات.

2- الغاء جميعالمحاكم الاستثنائية، وقصر المحاكم العسكرية على المنتظمين في السلك العسكري.

3- اعتماد مبدأالاختيار القائم على التنافس الحر للمراكز القضائية العليا، وفقاً للوائح يقرهاالمجلس الاعلى للقضاء نفسه دون تدخل حكومي.

4- تولي المجلسالقضائي كافة الاجراءات والتنظيمات المتعلقة بالشأن القضائي.

5- تولي المناصبالقضائية حق لكل من تتوفر فيه شروط الكفاءة والأمانة من أبناء الوطن، وفقاًلمعايير شفافة ومعلنة.

6- رفع مستوىالمؤسسات القضائية وتطويرها لتحقيق الفعالية، والتسهيل على المواطنين، بما يكسبهاالثقة والهيبة في نفس المواطن.

7- التأكيد على حفظحقوق المواطن القضائية،وأن لا يؤخذ بالظن، وأن لا يستخدم التعذيب في استجوابه، وأنلا يسمح بتجاوز العقوبة التي يقررها القانون، وأن لا يسجن بدون حكم قضائي، مع بسطالرقابة القضائية على السجون والنظارات وغيرها.

8- تنقية كافةالقوانين والتشريعات مما يتناقض مع احكام الشريعة الاسلامية.

ثامناً: الاصلاح فيمجال الحريات العامة وحقوق الانسان.

ان الشريعةالاسلامية بمقاصدها العليا، وهي المحافظة على حياة الانسان ودينه، وعقله وحريتهوماله وعرضه، تجعل الحرية مساوية للحياة، باعتبار الحرية من أميز خصائص الانسان،وهذا يستوجب ضمان سائر الحريات للمواطنين وصيانتها من كل اعتداء، ومن هذه الرؤيةفاننا نؤكد على ما يلي:-

1- توفير الامنالنفسي والاجتماعي والغذائي لكل مواطن، فلا يتعرض للاعتقال التعسفي، أو التعذيب أوالانتقام، او المنع من العمل أو السفر بسبب فكره أو معتقده او توجهه او نشاطه السياسي.

2- توفير فرص الكسبالحلال لجميع الموطنين، اعتماداً على حقوق المواطنة دون تمييز لاي سبب.

3- اعتماد وتفعيلمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص لجميع الموطنين في العمل والتوظيف والترقية.

4- توفير واحترامالحريات العامة للمواطنين في التعبير بالكلمة والتجمع والتظاهر السلمي، والجهربالرأي، وتشكيل جمعيات العمل التطوعي، والنقابات المهنية بما فيها نقابة المعلمين،والنقابات العمالية، والاتحادات الطلابية حسب القانون، ودون تدخل من أي جهة،واشاعة الاجواء المشجعة لتشكيل وتنشيط مؤسسات المجتمع الأهلي.

5- ضمان حرية الاعتقادواقامة الشعائر الدينية لجميع المواطنين، وكفالة حرية الدعوة الى الله والأمربالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها من اهم ضمانات حماية المجتمع من عواملالانحراف والفساد.

6- احترام العقائدالدينية والتعددية الفكرية والسياسية وفقا للدستور والمصالح العليا للوطن، وضمانحرية تشكيل الاحزاب السياسية والهيئات والمؤسسات الشعبية، وحصر مرجعية تحديد مدىالالتزام بالقانون والاداب العامة بالسلطة القضائية.

7- اعادة النظر فينظام السجون بما يضمن عدم التوقيف الا لاسباب قاهرة، وبقرار من المحكمة المدنيةالمختصة، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة للسجناء، واعادة تأهيلهم، واعتماد نظامالحوافز لمن يثبتون تحسنا ملموسا في سلوكهم واتجاهاتهم، لتكون مراكز اصلاح حقيقية.

8- الحفاظ علىالحريات الخاصة للمواطن، بما يحول دون التجسس عليه، او مراقبة اتصالاته، ويضمنالحفاظ على اسراره الخاصة.

تاسعاً: الاصلاح فيالمجال الاقتـصـادي

يؤدي الاقتصاد دورااستراتيجيا في بناء الأمم ورفعتها، لذلك أولاه الإسلام اهتماما خاصا، ووضع لهالقواعد والمبادئ التي تضمن تحقيق الحياة الكريمة للإنسان، وتحقق له التقدموالرفاه، وتوفر وسيلة الكسب الحلال في مختلف القطاعات، وتجعل العمل أساس الدخلوالكسب، وتؤكد بالخصوص على ما يتعلق بمنع الاحتكار، وإصدار التشريعات التي تمنعالاتجار الحرام وتجميد الثروة، وتأكيد حرمة المال والملكية الخاصين، وتحظر استغلالالنفوذ لممارسة الاحتكار في التجارة وتداول المال.

وترى الحركةالاسلامية ان الاقتصاد الاردني ما زال يعاني من غياب تصورات نظرية، وبرامج وطنية،تقوم على بناء اقتصاد مستقل، يتمتع بنماء مطّرد، تشارك فيه كل قطاعات المجتمع،ومما يؤسف له أن الحكومات تجاهلت كل ذلك، واتجهت الى تسليم مستقبل البلادالاقتصادي الى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وما سمي ببرامج التصحيحالاقتصادي، التي جعلت من الاردن محطة تجارب، ليقدمها للعالم نموذجا على نجاحه،وبرغم التقارير الوردية التي تقدمها الحكومات الاردنية، والبنك الدولي، عنالاقتصاد الاردني، غير ان الواقع يثبت خلاف ذلك، فلا تنمية مستدامة، ولا تطويرابنيويا للاقتصاد، ولا تكاملا متينا مع الاقتصاد العربي المحيط، بل تزايدا مضطردافي معدلات البطالة والفقر، وشيوع الاحتكار، وتكدس الاموال في أيدي قلة منتفعةتستغل نفوذها ومواقعها للاثراء غير المشروع على حساب المجتمع والامة، ولذلك فانالحركة تعتقد انه لا بد من اجراء عملية اصلاح اقتصادي شامل، لبناء مجتمع متقدمومستقل، يتمتع بمعدلات تنمية حقيقية، ترتبط بمحاربة الفساد والمحسوبية والهدر فيالمال العام، كما تعتقد أن ذلك ممكن من خلال :

1- تخليص الاقتصادبكل مستوياته ومعاملاته مما يتعارض مع احكام الشريعة الإسلامية، والمحاربة الجادةللفساد بكل اشكاله، وتحقيق الشفافية حفاظاً على الحقوق والمال العام، وتشجيعاًللاستثمار.

2- بناء وتنفيذبرامج اقتصادية وطنية تسعى لفتح الوظائف والاعمال لقطاعات المجتمع المختلفة،والعمل على جذب رأس المال الوطني والعربي والاسلامي في هذا المجال، من خلال ايجادبيئة استثمارية تتوفر فيها الحرية والامن والشفافية والتسهيلات الادارية، التيتكفل للمستثمر مزيدا من الاعفاءات الضريبية على مدخلات الانتاج والتصديروالمبيعات، وتوفر الدعم المهني والفني اللازمين لانجاح هذه التوجهات والمشاريع.

3- وضع حد للهدر فيالمال العام، بمراجعة التكاليف الحقيقية لكبار موظفي الدولة والمسئولين والبرامجوالأعمال، في مختلف القطاعات بلا استثناء، واتخاذ ما يلزم على هذا الصعيد .

4- ان عجز الموازنةمرده الاساسي السياسات الاقتصادية، التي أخفقت في ايجاد بيئة استثمارية جاذبة، وفي تبني استراتيجيات اقتصادية تعتمد المشاريع الزراعية والصناعية والتعدينية،وبسبب الانفاق الترفي في ظل غياب الاولويات الوطنية، واطلاق أيدي اصحاب النفوذ فيالتصرف في مقدرات الوطن، الذي زاد في ثراء الاقلية على حساب الاكثرية الفقيرة منالمواطنين، فضلا عن غياب التكامل الاقتصادي العربي، والابقاء على النظام القطريالخاضع لهيمنة المؤسسات الدولية.

5- إن سياسة رفعالاسعار، وزيادة الضرائب كماً ونوعاً، قد اسهمت بشكل جلي في زيادة معدلات الفقر،ولذلك لا بد من وضع معادلات منهجية دورية للتعامل مع الاسعار، مع الأخذ بعينالاعتبار واقع الاسواق الدولية، ومستوى الدخل والمعيشة في البلاد، وتخفيف الضرائبغير المباشرة الى أقصى حد ممكن، والبحث عن وسائل دخل جديدة.

6- الإسهام الذييقدمه العمل الخيري وفق منظومة الشريعة الاسلامية الغراء في بناء المجتمع الصالحمن جهة ، والذي يوفر الحاجات الاولية للفقراء، ويفتح المشاريع لتوفير الوظائفالصغرى والمتعددة من جهة اخرى، وتوفير المنح الدراسية وتكاليف الاجراءات العلاجيةللمواطنين من جهة ثالثة، يعد من مدخلات الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الهامة فيالبلاد، ولذلك فان القوانين والاتفاقات التي تسعى لها الدولة محليا واقليمياودوليا يجب ان تساعد هذا القطاع وتشجعه، لا ان تحد من نموه وتحاصره بحجج لا سندلها، كما أن على الحكومات ان تكف عن التدخل في هذه الاعمال الاجتماعية، وان لاتفرض اي نوع من الضرائب غير المباشرة على اعمالها كما هو حاصل في الوقت الحالي،وينبغي السماح للجمعيات الخيرية والتعاونية بالاسهام في التنمية الاجتماعيةوالاقتصادية الوطنية من خلال مشروعات مناسبة.

7- الثروة البشريةالتي يتمتع بها الاردن تعوضه عن نقص الثروات الطبيعة التي تتمتع بها دول اخرى، كماأن موقعه الجيوسياسي يساعده على تطوير هذا الوضع واستثماره، وان بناء مشروعاستثماري للطاقات والكفاءات البشرية يعد اولوية اقتصادية مهمة، ويتقاطع مع توجهاتالتعليم العام والدراسات العليا والابحاث العلمية المتقدمة، وهي المجالات التي تعانيذاتها من اشكالات آن الاوان لحلها وتطويرها ، وبذلك يمكن توفير ثروة بشرية تشكلعصب الاقتصاد الوطني في كل مجالاته، بما في ذلك التصدير والتبادل وتوفير الخدمات.

8- إن تطويرالتقانة في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة، وتشجيع راس المال الوطني على بناءهذه المشاريع، وفتح آفاق الاسواق العربية والدولية امامه، يشكل اضافة نوعية حيويةللاقتصاد الوطني، لذلك فان بناء مراكز ابحاث زراعية وصناعية متخصصة لهذه الغايةيعد برنامجا استراتيحيا يسهم بشكل كبير في حل معضلات الاقتصاد الوطني، ويطورتكامله مع المحيط العربي.

9- تشجيع الاستثمارفي مجالي الصناعة والزراعة، وتقليل تدخل الدولة الضريبي والجمركي، باستثناءالرقابة على الجودة، ومهارة العمالة، وتطبيق انظمة العمل وحقوق العمال، لمصلحةحرية حركة راس المال والاستثمار اللازمة من المحيط العربي واليه.

10- إن برامجالخصخصة التي تم تطبيقها في البلاد لم تحقق الآمال العراض التي سيقت كمسوغ لها،وإنما أسهمت في رفع أسعار الاستهلاك من الماء والكهرباء والاتصالات، بشكل فاقمالانخفاض في مستوى المعيشة، وتسبب في الوقت نفسه بحرمان الاقتصاد المحلي منالتنمية المفترضة، لان نظرية الشريك الاستراتيجي في هذه المشاريع حرمت الموازنةالعامة للدولة وشركات القطاع الخاص الوطنية من مدخلات هذه الخدمات، التي تشكل قيمةكبيرة في بلادنا، كما حالت دون تكوين شركات مساهمة بأموال المواطنين لتبقى شركاتوطنية برأس مال وطني، ولذلك فاننا نعتقد أنه لا بد من وقف لهذه البرامج، واعادةدراسة ما تم تنفيذه منها ، لمصلحة تطوير وتنمية الاقتصاد المحلي، وتوفير العيشالكريم للمواطنين.

11- تحرير الاقتصادالوطني من الارتباط بالاقتصاد الصهيوني، واعادة النظر في برامج وسياسات وتوجهاتالمناطق الاقتصادية المؤهلة على هذا الاساس، خاصة وان مدخلات الاقتصاد الوطني منهذه العلاقة لا تشكل اهمية جوهرية.

12- توسيع دائرةالتجارة البينية مع الوطن العربي والاسلامي، والعمل على بناء المشاريع والسياسات،وسن التشريعات التي تشكل قاعدة متينة لتكامل اقتصادي عربي واسع، يمكن ان يتحول الىسوق اقتصادية مشتركة.

13- الانفتاح علىالاقتصاد العالمي امر تمليه الحاجة والضرورة والمصلحة، لكن قواعد الانفتاح وشروطالتعاقد لا تزال تعمل لصالح الاطراف الاخرى، التي حولت الاردن إلى طرف يخضعمستقبله للمساعدات الدولية، وبالتالي جعلت تنميته الاجتماعية والاقتصادية وقرارهالسياسي والأمني مرهونا بإرادة خارجية تملك الضغط والتاثير على حياتنا، ولذلكنعتقد أنه قد آن الاوان لوضع حد لهذه السياسات في الاستجابة لمتطلبات التجارةوالسوق والنظام الدولي، لصالح رؤية وطنية عميقة وشفافة لبناء علاقات تكامل معالمحيط العربي من جهة، والانفتاح على الاقتصاد العالمي وشركاته ومؤسساته من جهةاخرى، وذلك بما يحقق الاستقرار والتنمية الاقتصادية، ويحفظ الاستقلال الوطني.

14- الاستثمار أساسوعصب الاقتصاد الناجح في القرن الحادي والعشرين، والشعب الأردني لديه من الامكاناتالمالية والكفاءات العلمية والموارد البشرية والعمالة المدربة ما يؤهله لبناء دولةاستثمارية متميزة في المنطقة، وحاجته للاستثمار الاجنبي هي حاجة ثانوية. والخطةالاقتصادية الاستراتيجية للدولة ينبغي ان تستند الى هذه المعطيات، في بناء رؤيةاستراتيجية وطنية لتوطين الاستثمار ودمجه في مصالح الوطن العليا.

15- النظر الىالقطاع الزراعي بكافة أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاستراتيجية، وليسمن خلال النظر في أرقام مساهمته في الناتج القومي، وهذا يقتضي اعتماد مبدأ الميزةالنسبية في انتاج المحاصيل، وتحقيق الامن الغذائي الوطني .

16- المحافظة علىملكية الأرض الزراعية في الاغوار، باعتبار غور الاردن منحة من الله سبحانه وتعالىللأردن ومواطنيه، والتعامل مع هذا الوادي من منظار استراتيجي بعيدا عن المقامرة أوالمغامرة، وبشكل يحول دون انتقال ملكية الارض لغير أبناء الوطن.

17- الاستثمار فيمجال الطاقة، والبحث عن مصادر بديلة لمواجهة مشكلات الطاقة وارتفاع الاسعاروالكلفة الهائلة.

18- عقد مؤتمر وطنيتشارك فيه مختلف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية الرسمية والشعبية،للتوافق على استراتيجية اقتصادية وطنية.

عاشراً: الاصلاح فيمجالي التربية والتعليم والتعليم العالي

ان التربية والتعليمهي اداة المجتمع والامة في اعداد الانسان الصالح، وتأهيله لقيادة المستقبل، وتطويرالحياة. ولذا كان ضروريا حسن اختيار برامج التعليم المختلفة، من المدرسة الىالجامعة، بما يحقق الاهداف التربوية المستندة الى عقيدة الامة وثقافتها وحاجاتها،والى فلسفة تربوية اسلامية متكاملة، ينتظم فيها الفكر والهدف والسياسة التربويةوالمنهاج والوسيلة، وكذلك احسان اختيار القائمين على هذه المهنة الجليلة، وتأمينالمستلزمات التعليمة التي توفر البيئة التعليمية المناسبة، لا سيما وأن الوضعالتربوي في بلدنا يعاني من ازمات عديدة سواء في وضع المعلم او المنهاج او الادارةالتربوية، وهذا عائد الى السياسات التربوية والتعليمية المتعاقبة، ولا سيما فيالسنوات الاخيرة وفي مختلف المراحل التعليمية. ولتحقيق الاصلاح المنشود فاننا نرىما يلي:

1- استمرار التأكيدعلى الاسس التي تستند اليها فلسفة التربية والتعليم في الاردن، واولها الايمانبالله عز وجل، وان الاسلام نظام فكري سلوكي يحترم الانسان ويعلي مكانة العقل، ويحضعلى العلم والعمل والخلق، وتأكيد العلاقة العضوية بين الاسلام والعروبة لتحقيقالهوية الثقافية، وبناء الشخصية الوطنية الاسلامية المتميزة .

2- تطوير المناهجوالكتب المدرسية بما يتلاءم مع فلسفة التربية والتعليم وأهدافها في الأردن،بأبعادها الايمانية والاخلاقية والثقافية والعلمية، وحذف ما يتعارض معها من الكتبالمدرسية والأنشطة المختلفة.

3- تركيز المناهجعلى بناء الانسان ذي الشخصية السوية المتكاملة، الذي يحب العلم والمعرفة، ويتمتعبالمهارات الحياتية والتدريبية والتعليمية الضرورية، ويؤمن بالتوافق بين العلموالدين، وينتصر لقيم الحق والعدل والتسامح والحرية واحترام الآخر. الانسان المؤهللخدمة المجتمع والتفاعل معه، والمعتز بانتمائه الوطني والعربي والاسلامي، والقادرعلى حماية كرامة الوطن وسيادته والدفاع عن حقوقه وصد المعتدين، والمنفتح علىالعالم في الوقت ذاته.

4- التركيز فيالمناهج والسياسات التربوية على الوحدة العربية، والتضامن الاسلامي، والتحذير منالقطرية بما تجسده من تجزئة وضعف وتبعية لمراكز القوة والهيمنة في العالم، وايلاءقضايا الأمة العربية والاسلامية اهتماماً خاصاً وكبيراً، وفي مقدمتها قضية فلسطين،باعتبارها قضية العرب والمسلمين الاولى، وبيان مخاطر المشروع الصهيوني التوسعي علىالاردن بخاصة والأمة بعامة.

5- تعميق التربيةالاسلامية، والتركيز على اللغة العربية في جميع الموضوعات، وفي مختلف المراحلالتعليمية، واستبعاد المفاهيم والقيم التي تتعارض مع هذه الفلسفة.

6- تجسيد فلسفةالتربية الاسلامية في جميع مستويات المناهج وفي مختلف الموضوعات الدراسية،والاشراف على كل ما يعلم في المدارس الخاصة والاجنبية، بالاضافة الى التزامهابالمناهج الاردنية، وبما لا يخالف فلسفة التربية والتعليم.

7- إقرار تشريعاتواضحة تتعلق بأخلاقيات مهنة التربية والتعليم، تصون كرامة المعلم، وترتقي بادائهوأهليته، وتفرض احترامه على الطلبة وفي المجتمع، وتحسن مستواه المعيشي بما يليقبرسالته، وخاصة في المناطق والأقاليم النائية.

8- اصدار التشريعاتالتي تصون العملية الأكاديمية والتعليمية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي منالعبث والمزاجية والمحسوبية، واعتماد المعايير العلمية والأكاديمية النزيهة.

9- اعتماد أسسعادلة ومعلنة لقبول الطلاب في الجامعات، أو في البعثات التعليمية، بما يحققالمساواة وتكافؤ الفرص، وعدم التمييز بين أبناء الوطن الواحد، وتوفير التعليمالجامعي لكل أبناء الوطن بجميع فئاته.

10- تأمين البيئةالملائمة للبحث العلمي، بتوفير المال، واصدار وتطوير التشريعات اللازمة، واعتبارذلك أساساًً في برامج وموازنات المؤسسات العلمية والصناعية وفي موازنة الدولة،وتوجيهه بما يخدم حاجات المجتمع والأمة.

11- تشكيل مجالسللتربية والتعليم، والتعليم العالي على أسس سليمة، تضمن تمثيل مختلف الاتجاهات،وأصحاب الكفاءات، دون تمييز أو أقصاء، وبما يحقق مصالح الوطن وهوية الأمة وفعاليةالادارة.

حادي عشر: الاصلاحفي المجال الاجتماعي

ان بناء المجتمعبناءً سليماً صحيحاً يحقق التماسك والطمأنينة والسلام الاجتماعي، ضرورة لكل تقدم،وان ثقة المجتمع بنفسه، باحترام انسانيته، وتوفير حرياته الدينية، والاقتصاديةوالسياسية، كفيل بتفجير طاقاته، واقامة التوازن المطلوب بين ضمان الحق وأداءالواجب، وينهض بالرجل والمرأة على حد سواء، وكل ذلك يحتاج الى عمل شاق وجادومستمر، وتتمثل رؤية الحركة الاسلامية للاصلاح الاجتماعي فيما يلي:

أ‌. السياساتالاجتماعية.

1- احياء قيم الخيروتعزيز الاخلاق الفاضلة النابعة من الايمان بالله عز وجل، والتماس الرزق الحلال،والقيام بواجب التكافل الاجتماعي، والبذل في سبيل الله، حتى تسود المجتمع روحالتآخي والتراحم.

2- ايجاد القدوةالحسنة في كل المجالات، وخاصة في مراكز القيادة والتوجيه.

3- تحقيق الحريةوالعدالة الاجتماعية، ومكافحة الجريمة بكل أشكالها، ومعالجة مقدماتها وأسبابها،ومحاربة الرذيلة والفاحشة والمسكرات والمخدرات والفساد الاجتماعي والاخلاقي بكلألوانه من خلال برامج ثقافية هادفة، ومناهج تربوية مناسبة، وتفعيل التشريعاتالنافذة وتطويرها.

4- حماية الطفولة،وتوفير الرعاية الشاملة لها، ومنع استغلال الاطفال في العمل، ورعاية الأمومة، والعنايةالفائقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، وتأمين سبل تعليمهم، واعداد البرامجالمناسبة لتأهيلهم وتدريبهم بما يتناسب مع قدراتهم وامكانياتهم، وسن القوانينوالتشريعات الضامنة لذلك.

5- توفير العمل لكلالقادرين عليه، فالعمل واجب وقيمة عليا، وهو الاساس الرئيس للدخل في المجتمع،ومحاربة الفقر بتحقيق العدالة الاجتماعية، وحسن توزيع الثروة، وضمان حقوق العمالوالمهنيين بانشاء النقابات والاتحادات واستقلالها، وسن التشريعات الكفيلة بتحقيقذلك، وتطوير ما هو قائم منها.

6- بسط الرعايةالاجتماعية وتوسيعها وتعميمها واعتبارها مسؤولية تضامنية للمجتمع ككل، ممثلةبأجهزة الدولة وأنظمتها من جهة، والمؤسسات الخيرية التطوعية ومؤسسات الزكاةوالوقف، والجهود الفردية من جهة أخرى، وبتفعيل التأمين ضد البطالة في قانون الضمانالاجتماعي، وكذلك كفالة حالة العجز والشيخوخة.

7- التأكيد على حقالوالدين في الرعاية التامة ولا سيما في مرحلة الشيخوخة، وتعميق مفاهيم البر بهماومحاربة العقوق، ودعم دور رعاية المسنين من حيث تأهيل العاملين وتوفير متطلباتالحياة الكريمة ورصد الأموال اللازمة لذلك.

8- بناء الاسرة علىالقواعد الشرعية، باعتبار ذلك أساساً للمجتمع والنظام الاجتماعي المستقرين،والتصدي لكل الممارسات التي تستهدف اضعاف، دورها وتوهين عرا وأسس تكوينها، والعملعلى تفكيكها أو الخروج عليها. والمحافظة على الشخصية المستقلة والمتميزة للمجتمعبعيداً عن مظاهر التغريب والترف والاستهلاك والمباهاة.

9- توفير الضمانالصحي الشامل لكل المواطنين، وتأمين مختلف المناطق بالخدمات والتخصصات الصحيةوالمستشفيات اللازمة، باعتبار ذلك من الحاجات الاساسية للانسان في المجتمع.

ب- المرأة :

المرأة والرجل هماشقا التكوين الانساني على حد سواء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13.

وقال رسول الله صلىالله عليه وسلم :"النساء شقائق الرجال" (البخاري) والعلاقة بينهما تظهرفي التكامل، ووحدة الجوهر الانساني بكل أبعاده وحقائقه، وفي استقلال الشخصيةالانسانية، وفي تأكيد المشاركة الكاملة في تحمل الأمانة والمسؤولية في خلافة الارضوعمارة الكون، وتحقيق العبودية لله بأتم معانيها.

وان من أهم الأسسالعامة التي تحكم العلاقة بين الرجل والمرأة، وتحدد مكانة المرأة ودورها في الحياةعلى وجه العموم ما يلي:

أولاً : الرجلوالمرأة سواء في أصل الخلقة الانسانية، والتكوين الآدمي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَاالنَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَمِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْاللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْرَقِيباً }النساء1

ثانياً: الرجلوالمرأة سواء في التكريم الرباني، الذي منحه الله للانسان منذ خلقه، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِوَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْخَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70 فالذكورة والانوثة ليسا عاملاً من عوامل التمييزوالمفاضلة، فمعيار التفاضل في الاسلام يقوم على التقوى والعمل الصالح وحسن الاداء.

ثالثاً: الرجلوالمرأة سواء أمام الخطاب التكليفي العام، اذ أن صيغ التكليف جاءت كلها بصيغالعموم سواء في الأمر أو النهي أو الاباحة.

ويترتب على عمومالخطاب التكليفي أن الرجل والمرأة سواء في الحقوق والواجبات الشرعية، الا ما وردعلى سبيل الاستثناء، والاستثناء يكون محصوراً بالنص وبالقدر المقدر من الشارعالحكيم.

رابعاً: الرجلوالمرأة سواء في الحساب والجزاء، والثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.

فالشرع لم يفرق بينالرجل والمرأة في العقوبة، كما أنه لم يفرق بينهما بالجزاء والثواب. قال اللهتعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌفَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97 .

خامساً: الرجلوالمرأة شريكان في تحمل المسؤولية، وشريكان في واجب الولاية والتعاون والنصرة منأجل اتمام فرائض الدين، والتمكين له في الارض. قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَوَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَعَزِيزٌ حَكِيمٌ}التوبة71 ويترتب على هذه الاسس العامة جملة من الحقائق تتعلقبالمرأة أهمها:

1- المرأة تتمتعبشخصية كاملة، وذمة مستقلة، من حيث الاعتبار الشرعي، والمكانة الاجتماعية، والمركزالقانوني، والأهلية التامة، وجوباً وأداءً.

2- للمرأة حقالتملك والكسب والعمل والانفاق، والسعي في الارض، والتفكر والتدبر في الكون،والتمتع بالطيبات.

3- للمرأة حقاختيار الزوج، وتكوين أسرة، بعيداً عن كل عوامل العضل والاكراه.

4- للمرأة حقالتعلم والتعليم،والتفقه في الدين، والتخصص في مختلف أنواع العلوم والفنون، ولهاالحق في التدريب وتطوير الملكات واتقان الحرف والمهن.

5- المرأة تتمتعبكامل الحقوق السياسية المتمثلة في حق الانتخاب والترشيح وتولي المناصب، والانضمامللأحزاب السياسية، وابداء الرأي في كل جوانب الحياة بلا استثناء.

6- للمرأة الحق فيالتمتع بالتشريعات المتعلقة بالجنسية والعمل والتقاعد، وفي تكوين الجمعيات الخيريةوالهيآت النسائية وقيادتها والعمل من خلالها.

ودور المرأة في كلماسبق الى جانب الرجل يتسم بالشراكة والتعاون والتكامل وتوزيع الادوار بحسب القدرةوالطاقة، في اطار من الأدب والحشمة والتعامل السوي، والاحترام المتبادل، والحدودالشرعية، التي يقررها الاسلام، بعيداً عن التناقض، والتنافس المذموم، والصراعالمصطنع.

كما لا بد منالتقرير أن ثمرات الحياة الانسانية أغلى وأسمى من أي نتاج مادي سلعي يسعى اليهالانسان، وأن هذه الثمرات تستحق أمومة حقيقية تحتضنها وتنشئها راضية مطمئنة،وستبقى الأم برسالتها الانسانية والتربوية في اعداد الاجيال تشغل موقعاً من أشرفالمواقع وأهمها في المجتمع.

ج- الشباب:

يمثل الشباب ذكوراًوأناثاً الطاقة الفاعلة في المجمتع، وهم أغلب الحاضر وكل المستقبل، وخاصة في مجتمعأكثر شرائحه العمرية من الشباب كمجتمعنا في الاردن، فاذا ما أحسن توجيههم، وفتحتأمامهم الأبواب، تحولت طاقاتهم ومثاليتهم الى انتاج وعلم وتنمية، وعلى العكس منذلك اذا ما أسيء توجيههم، كما أن الشباب هم مادة التغيير وهدف الاصلاح، فلا يتصورأحداث اصلاح وطني شامل في حال غيابهم أو تهميش دورهم وحقوقهم.

وحتى يتمكن الشبابمن بناء شخصيتهم، وتحقيق ذاتهم، والاسهام في بناء وطنهم، فانه لا بد من تنشئتهمعلى مبادئ الاسلام وقيمه العليا، من خلال التركيز على الامور والاهداف التالية:

1- العمل على بناءالشخصية الشبابية المتوازنة، والقائمة على قيم الحق والخير والحرية والديمقراطيةالشورية الحقيقية، وابعادهم عن أجواء ومسالك الزيف والقمع والنفاق، وذلك من خلالسن التشريعات المناسبة، والتوسع في انشاء المؤسسات الشبابية، وترشيد القائم منها،لينسجم مع عقيدة الأمة.

2- وقف كل أشكالالتدخل الأمني في الانشطة الطلابية، والانتخابات والتعيينات في الجامعات، وتمكينالطلاب من انشاء اتحاد عام لهم بعيداًُ عن التدخلات الرسمية.

3- توفير الاجواءوالوسائل والخطط لاسهام الطلاب والشباب بعامة في الاعمال التطوعية لخدمة المجتمع والبيئة،وتدريبهم على تحمل المسؤولية، ودعم جهودهم الابداعية، وتعزيز طموحاتهم وقدراتهم فيمختلف المجالات، وخاصة العلمية والبحثية والثقافية، وتجنيبهم الانشغال في معاركجانبية، واهدار طاقاتهم في صراعات عصبية قبلية وجهوية واقليمية مدمرة.

4- تشجيع الشبابعلى الانخراط في العمل السياسي والمؤسسات الحزبية، وايجاد المناخ المناسب لذلكدعماً للعمل الحزبي والسياسي، والعمل على اعداد الشباب جهادياً من خلال التدريبالعسكري والتعبئة الروحية، وذلك لحماية طاقات الشباب من أن تبدد في غير مكانها،وبناء الكفاءات الوطنية القادرة على العمل والانتاج والقيادة والدفاع عن الوطن.

د. المجتمع:-

نظراً لتداخل ابعادالاصلاح الشامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي فاننا نؤكد على الابعادالاجتماعية التالية لأهميتها في بناء المجتمع ووظيفته الاجتماعية السياسية:-

1- تسهيل عمليةبناء الاسرة وحمايتها، باعتبارها اللبنة الشرعية الاولى في البناء الاجتماعي،وترسيخ الاسس والتقاليد الشرعية في الزواج وتكوين الاسرة وفي العلاقات بينالزوجين، ونبذ كل التقاليد والعادات التي لا تتفق مع هذه الاسس، سواء كانت وافدةأو موروثة، وسن منظومة التشريعات التي تحمي الامومة والطفولة.

2- احياء وتعزيزقيم العزة ورفض الظلم وما يولده الاستبداد من طبائع الخضوع والخنوع، وهذه مهمةاجتماعية سياسية للمجتمع كله أفراداً ومؤسسات. اذ لا يتوقع احداث اصلاح شامل حقيقيأو نهضة فعلية في مجتمع لا يسود فيه شعور بالأنفة، ورفض الظلم، وامتلاك الجرأةالادبية والمعنوية في تقديم المبادأة الحضارية في تغيير المنكر، وتعقب الفساد،وتحقيق الاصلاح.

3- بناء المجتمعالمدني: فكما أن على الدولة أن تتحمل العبء الأكبر في التعليم والصحة حيث أنالمجتمع الأردني لم يصل في تطوره وغناه الى الدرجة التي يتحمل فيها المواطن كلأعباء معيشته وأسرته، فان تحقيق التواصل والتكافل بين أبناء المجتمع يقتضي أن يقومالمجتمع أفراداً وجماعات بمبادرات ومهام أو وظائف قد تغيب عنها الدولة، أو تقصر أوتضعف في أدائها، كبرامج وهيئات العمل التطوعي والوقفي التي تعين في الاغاثة، ونشر البروالخير، ومحاربة الرذيلة، والدفاع عن الحقوق، ورعاية الايتام والمحتاجين،والارتقاء بالمهن والصناعات، وغير ذلك من الاعمال الكفائية، التي يتوجب علىالمجتمع أن يقوم بها، باعتبارها جزءاً من المسؤولية العامة في المجتمع والدولة،وهذا يعني أن تعطيل المبادرات المجتمعية التطوعية في مختلف المجالات،أو تأميمها معقصور الدولة بأجهزتها المختلفة، هو اعاقة بالغة لجهود ومشاريع النهوض والتطور فيالمجتمع، واشاعة للاستبداد والفساد في الوقت نفسه.

4- تعميق المسؤوليةالذاتية في النفوس واشاعتها في المجتمع، بما تعنيه من صدق، وأمانة، ووفاء، وايثاروتضحية، واحسان، واتقان في العمل، وحرص على الوقت والانجاز والكسب المشروع،والجرأة في الحق، والرفض لكل أشكال الظلم والفساد، امتثالاً لأمر الله سبحانه، ثمتجسيداً للمسؤولية الفردية والمراقبة الذاتية، حيث أن ضعف هذه الاخلاق أو غياب هذهالخصال في المجتمع، يهيئ البيئة الملائمة لتفشي الفساد، وشيوع التخلف وتحكمالاستبداد.

5- رفع مستوىالاستجابة للتحديات في قلوب وعقول الناس، سواء تحدي النهضة حيث التخلف الذي تعيشهأمتنا، وتفوق الأمم الاخرى عليها في ميادين كثيرة، والشعور بالتحدي في مجتمعناأمام وجود اعداء متربصين. والاستجابة للتحدي تقتضي وضع المجتمع كله في حالة منالتوتر الايجابي المنتج، الذي يزيد الفعالية، ويفجر الطاقات، ويدفع القدراتللابداع، وهذا لا يتم الا بتوفير أجواء من الحرية والكرامة والعدل والوحدة، والثقةوالاستقرار الفردي والمجتمعي، والمشاركة الشعبية الواسعة في ادارة شؤون الوطن ورسممعالم المستقبل.

ثاني عشر: الاصلاحفي مجال الثقافة والاعلام والتوجيه:

نظرا لما للثقافةوالاعلام من دور عظيم في تشكيل عقلية المواطن، وبناء شخصية الامة، والحفاظ علىهويتها العربية والاسلامية الاصيلة، وتحديد دورها الحضاري، فاننا ندعو الى ما يلي:

1- بناء السياساتالاعلامية انطلاقاً من عقيدة الأمة وحضارتها وقيمها، وعلى مبادئ حرية التفكيروالتعبير، والنزاهة والاستقلال والموضوعية، والمعايير المهنية، والالتزام بأهدافالتربية الاسلامية في بناء الانسان والمجتمع، وتحقيق اعلام الدولة الذي يسهم فيالتنمية في مختلف المجالات وخاصة في المجال السياسي.

2- اعادة الدورالطبيعي والحقيقي للمسجد في الحياة، بما يمكنه من تحقيق رسالته العظيمة، وتعزيزقيم الخير في المجتمع، بنشر الهداية ومحاربة الرذيلة، وحماية ثقافة المجتمعالأصيلة، كمؤسسة موازية للمدرسة ومتكاملة معها.

3- تمكين العلماءالعاملين من القيام بدورهم في التربية والتوجيه، وتعزيز قيم الخير في المجتمع،ووقف سياسة الاقصاء المتبعة.

4- الارتفاع بمستوىالادب والفن والثقافة المنسجمة مع مبادئ الاسلام وقيم الأمة، ومصالحها العليا،ودعم كل المؤسسات الثقافية والاعلامية يما يمكنها من تحقيق أهدافها، ووقف كلالانشطة والبرامج التي تشيع الميوعة والانحراف الاخلاقي.

ثالث عشر: الاصلاحالاداري ومكافحة الفساد

تعد الادارة العاملالاساس والعنوان الأبرز لنجاح الدول وتقدمها او عجزها وتراجعها، وقد اثبتت تجربة الدولالنامية ان مشكلة التنمية فيها تتمثل في الفجوة الادارية الناجمة عن وجود فرق كبيربين ما تتطلبه خطط التنمية من كفاءات وقدرات في متابعة تنفيذ هذه الخطط وبينالقدرة الادارية الحقيقية للاجهزة الموكول لها هذه المهمة. بالاضافة الى المشكلةالاخرى الناجمة عن الفساد وغياب الشفافية، ولذلك فقد تدنى مستوى تحقق خطط التنمية.ومن هنا فان الدولة الحديثة يجب ان تهتم بتحسين اداء أجهزتها الادارية تنظيماوتشريعا وعناصر بشرية، لتتمكن من تنفيذ ومتابعة برامج التنمية الاقتصاديةوالاجتماعية بفاعلية ونجاح. وأمام ما يعانيه الوطن من استشراء للفساد، ولأجل تحقيقالاصلاح المنشود فاننا نؤكد على ما يلي:

1- تبني فلسفةواضحة للتنمية الادارية، تشارك في وضعها وتنفيذها جميع الاجهزة المتخصصة،والالتزام بأسس الكفاءة والامانة والنزاهة في اختيار كبار الموظفين، لا سيماللادارات العليا والوسيطة.

2- تبني سياسةواضحة المعالم، للاهتمام بالعنصر البشري داخل اجهزة الدولة المختلفة، من خلالتنمية القوى البشرية العاملة علميا ومسلكياً، وتبني نظام رواتب وحوافز فعال، يكفلحياة كريمة للموظف، ويوفر له الخدمات الاجتماعية والصحية المناسبة، وتحديث قانونالتقاعد، بما ينصف المتقاعدين، ويحمي الموظفين من التعسف في احالتهم الى التقاعد.

3- تحديث التشريعاتالكفيلة بتحقيق مفهوم اللامركزية في ادارات الدولة، والعمل على تفويض السلطة،والمشاركة في اتخاذ القرار، وتبني سياسة واضحة لتوزيع القوى العاملة بشكل متوازنعلى اجهزة الدولة، وفق خطة محددة المعالم لاحتياجات الاجهزة الادارية من الكفاءاتالمختلفة، وضبط عملية التوظيف، بما يحقق العدالة والمساواة بين الباحثين عن العمل.

4- مكافحة التسيبفي الاداء الحكومي وفي انفاق المال العام، والعمل على تعزيز الشعور بالمسؤولية لدىجميع العاملين في الدولة، والحد من عملية تجميد الكفاءات المبنية على المزاجالشخصي وعدم الموضوعية من قبل بعض المسؤولين.

5- اشاعة الخلقالاداري السوي، ومحاربة عوامل الفساد الاداري ومظاهره، ومحاسبة كل المفسدينوالعابثين والمعتدين على حقوق الوطن والمواطن، واقرار قانون الكسب غير المشروعوتوسيع قاعدته وتفعيلها.

6- اعتماد الشفافيةفي معالجة قضايا الفساد، وتحويل الفاسدين الى المحاكم المدنية .

7- تفعيل دور اجهزةالرقابة والمحاسبة وفي مقدمتها مجلس النواب، وديوان المحاسبة، وديوان الرقابةوالتفتيش، والقضاء والصحافة وضمان استقلالها.

8- تخصيص جهاز مدنيلمكافحة الفساد الاداري والمالي يتمتع بالحصانة والصلاحيات الواسعة، ويتبع رئيسالوزراء مباشرة، ويقدم تقارير دورية لمجلس النواب، ويحيل قضايا الفساد الى القضاء.

رابع عشر: الوحدةالوطنية:

السياق التاريخيوالتكوين الاجتماعي والرؤية

بالفتح الاسلاميلبلاد الشام، تم التأكيد على عروبة فلسطين والاردن باعتبارهما جزءاً من بلادالشام، وأرضاً ووطناً لقبائل انحدرت من أصول عربية في جزيرة العرب، وباعتبار أصولالفاتح العربية، وما تبع الفتح من هجرات من أرض العرب، تآزرت مع الدين، لتكون أمةجديدة، أساس توحيدها واتساع وجودها، العقيدة ورسالة الاسلام. وحسب التقسيمات التيأعتمدت لادارة الجغرافيا وعمليات جيوش الفتح آنذاك، فقد سمي جنوب الاردن وفلسطينبفلسطين، وتحددت له قوات سميت بجند فلسطين، كما سمي وسط وشمال الاردن وفلسطينبالاردن، وتحددت له قوات سميت بجند الاردن، واستمرت هذه التقسيمات الادارية أغلبحقب الدولة الاسلامية وحتى أواخر الدولة العثمانية، وباحتسابها اجزاءً أو أقاليمضمن الدولة الموحدة والامة الواحدة. كما أن خصائص الجغرافيا السياسية المتشابههوالمترابطة لهما قد أسهمت بقسط كبير في صيرورتهما التاريخية، وخاصة أثناء الحروبالصليبية، حيث احتلت كل فلسطين وكل الاردن، بخلاف ماحدث لبقية أجزاء بلاد الشاموخاصة سورية، التي بقيت فيها مدن وحصون عديدة تحت حكم الدولة أو الاماراتالاسلامية القائمة في حينه، وهو ما حصل أيضاً في العصر الحديث عندما وقع كلاالبلدين تحت الاستعمار البريطاني.

ويتأكد ذلك أيضاًبالقراءة المعمقة والواعية لوثائق المشروع الصهيوني ولخططه وبرامجه المشهودة علىالارض، والذي يعتبر الأرض على جانبي النهر جزءاً "من اسرائيل الكبرى"وأن الاردن أنشئ ليستوعب ما يترتب على قيام الوطن القومي اليهودي في فلسطين مننتائج حسب وعد بلفور عام 1917م، والوثائق البريطانية.

وكان التداخلالاجتماعي وانتقال السكان عبر النهر في الاتجاهين شرقي النهر وغربيه، اذ انتقلتعبر الحقب الزمنية الطويلة بشكل طوعي عشائر وعائلات وأسر كثيرة ما زالت أصولهامعروفة، وبين أغلبها صلات قرابة ورحم قائمة، حيث تعمقت الوحدة وأحدثت تمازجاًاجتماعياً عميقاً متميزاً، ثم تعمقت هذه الصلات والتمازج بعد الهجرة القسريةالناجمة عن تنفيذ المؤامرة الدولية عام 1948م، التي تحالفت فيها كل قوى الشروالاستعمار لاغتصاب فلسطين، وانشاء الكيان الصهيوني فيها، مع ما رافق ذلك من مذابحوجرائم ضد شعب أعزل، اقتلع من أرضه عنوة، حيث لم تستطع مقاومته وقواه المجاهدة ذاتالامكانات المحدودة رد العدوان الصهيوني، المؤيد بالدعم الاستعماري العالميوبالتواطؤ أو العجز العربي الرسمي. وكل ذلك يؤكد أن قوانين الجغرافيا السياسيةوحقائقها المؤبدة، ونتائجها وأقدار الانتماء والهوية الواحدة، والارتباط العضويوالمصير المشترك ستبقى متلازمة لا تنفك، تفرض الواقع وتتحكم بالمستقبل من خلالمعادلاتها وقوتها الغالبة.

وبالمطالعةالتاريخية والسياسي5ة نلاحظ أن الدول الغربية وخاصة الكبرى منها وصاحبة الدورالاستعماري القديم وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا، قد انتظرت ما يقارب المئة عامترقب اطراد الضعف، وعزل القوى الخيرة والرافضة للتنازل عن أي جزء من الارضالاسلامية في رجل أوروبا المريض – كما وصفت الدولة العثمانية حينذاك – وبقيت هذهالدول تحاول توحيد رؤيتها والاتفاق على طريقة اقتسام التركة وأحجام الغنائم فيها،لتنقض عليه بعد هزيمته في الحرب العالمية الاولى، وتمزقه وتحتل كل الاقاليم أوالاقطار العربية، مستحضرة قبل ذلك خلاصات ودراسات المستشرقين ونصائحهم في السيطرةعلى المنطقة، وملتزمة بوعد بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، رغبة في استمرارالتحالف الغربي الصهيوني لتطابق المصالح بينهما، وللحيلولة دون قيام وحدة عربية أوأي مشروع نهضوي في المنطقة، وليكون الكيان الجديد قاعدة للمشروع الغربي الاستعماريالعالمي. ومن هنا كان التقاسم بين فرنسا وبريطانيا في اتفاقية سايكس ـ بيكو عام1916م، توطئة لتنفيذ المخطط التآمري لاقامة المشروع الاستيطاني الصهيوني، ومنعالأخطار التي قد تهدد وجوده واستمراره. فاذا كانت احدى مصائب التجزئة والتقسيمالكبرى من خلال تلك الاتفاقية هي ضياع فلسطين، وتشتيت أهلها، ونشوء مشكلةاللاجئين، التي ما زالت قائمة حتى اللحظة، وقيام كيان عنصري عدواني توسعي عليها،علاوة على تفتيت الامة والاجهاز على وحدتها، فان مزيداً من التقسيم والتشظي يعنيمزيداً من عوامل تثبيت الكيان الصهيوني، ودعماً لأطماعه، وتسهيلاً لعدوانه.فالانغلاق الاقليمي أو القطري، والتشدد الجهوي، واعلاء المصالح الخاصة فوق المصالحالوطنية العليا ومصالح الامة، وبث بذور الفتنة، واثارة النعرات بين أبناء الأمةالواحدة والشعب الواحد، اخفاءً للفشل في مختلف المجالات، وتغليفاً للمصالح الضيقةمن أي جهة كانت، يعني عملياً تمزيق الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية، وزيادة فيالاضطراب النفسي والقلق الاجتماعي، وتعطيلاً للابداع والمبادرة الشعبية والتطوعية،وانخفاضاً في معدلات الاستثمار والانتاج، وكل ذلك مكاسب خالصة لأعداء الوطنوالامة.

وانطلاقاً منايماننا بديننا، والتزاماً بشريعة ربنا، ومبادئ الاسلام العظيم، والانتماء الوطني،واعتماداً على هذا التحليل شديد الايجاز نصوغ رؤيتنا لتدعيم الوحدة الوطنيةوصيانتها، باعتبارها أساساً لا بديل له، وقاعدة لا غنى عنها، في اصلاح شؤوننا،وحماية وطننا، ونهضة شعبنا، وفق ما يلي:

1- ان فلسطينوالاردن والشعب العربي فيهما يتعرضان لذات المؤامرة، وقدرهما أن يواجها معاً خطراًواحداً ومشتركاً، متمثلاً بالمشروع الصهيوني، وكيانه الذي قام على الاغتصابوالجريمة، حيث لم تخفف المعاهدات والاتفاقيات الموقعة معه وكل التنازلات المقدمةله، من جملة الاخطار والتهديدات الواقعة والمتوقعة من جهته، وهذا ما يتأكد عندتقويم حصاد معاهدتي أوسلو ووادي عربة.

2- بناءً على هذهالوقائع والحقائق، فان النضال ضد هذا العدوان، واجب وطني وقومي وديني، يستلزمتوفير كل الاسباب لتمكينه من تحقيق اهدافه، وخاصة من أصحاب القضية الاول وهم شعبفلسطين، سواءً أكان ذلك النضال بالمقاومة المسلحة على أرض فلسطين، أو بأشكالهالاخرى على أي أرض عربية أو اسلامية. ومن هنا تبرز الهوية العربية الفلسطينية،باعتبارها هوية نضالية سياسية في صراع وتصادم مع المشروع الصهيوني فقط، وليس معالهوية العربية الاردنية، أو أي هوية عربية أخرى، وعلى الامة كلها دعم نضال هذاالشعب وجهاده.

3- ان الالتزامبالأمن الوطني والقومي للأردن مسؤولية الأردنيين جميعاً، فالدفاع عن فلسطين هودفاع عن الاردن، كما أن حفظ الاردن وأمنه وعروبته وسيادته وازدهاره هو دفاع عنفلسطين وقوة لها، وتأكيد لوحدة الشعب في مواجهة الخطر والعدو الواحد.

4- ان التمسكبالحقوق الثابتة لشعب فلسطين العربي المسلم، والدفاع عنها لا يتصادم مع حقالمواطنة والتمتع بكامل ما تفرضه من حقوق أو تنشؤه من استحقاقات، رتبتها وحدةدستورية وسياسية، وجهاد وتضحيات مشتركة، وعمليات بناء وتنمية، أسهمت فيها سواعدأبناء الشعب كلهم دون اختلاف أو تمييز، عبر أكثر من خمسين عاماً، امتزجت فيهاالدماء، وائتلفت الأرواح، وانصهرت في مهادها الاجتماعية الاسر والعائلات، دون أنينتقص ذلك من حقهم في العودة الى ديارهم التي أخرجوا منها، أو يفت في عزيمتهمبالاصرار على هذا الحق.

5- ان مقاومةالمشاريع الصهيونية المتمثلة بمؤامرة الوطن البديل أو التوطين، الذي أقرته معاهدةوادي عربة المرفوضة في المادة الثامنة منها، والتي أضعفت البعد السياسيوالاستراتيجي لقضية اللاجئين، باعتبارها اياها قضية انسانية لا يتحمل الكيانالصهيوني وحده المسؤولية عنها، وكذلك الدفاع عن حق العودة، مهمات وطنية وواجباتقومية واسلامية، لكل أبناء الشعب الواحد على أرض الاردن، وجزء من الدفاع عنسيادته، واستقلاله وهويته العربية الاسلامية، يتوجب أن تمنح الحرية الكاملة لتعبرعن نفسها، وأن يحشد لها التأييد والدعم الرسمي والشعبي، ومن مختلف الفئات والشرائحوالقوى والهيئات الاجتماعية والسياسية، تاكيداً لحق مقاومة الاحتلال، ولوحدةالشعب، وصلابة الجبهة الداخلية، التي تحول دون اجتناء العدو لأي اختراق أو نجاحلصالح مشروعه التوسعي الاستيطاني.

6- ان اختلافمستويات المعيشة والتنمية في المجالات المختلفة بين المحافظات والأقاليم في وطننا،يوجب تخصيص موازنات وامكانات لزيادة مقادير مخصصات التنمية، ولتحسين مستوى المعيشةفي المناطق الأكثر فقراً والأشد حاجةً، ولكن دون اجحاف أو اصطناع للولاءات. واذاماتم هذا الأمر حسب خطط وبرامج مدروسة وادارة أمينة وشفافة، وفي اطار توافق شعبي،ومشاركة مختلف القوى السياسية والاجتماعية، فسيحس كل مواطن بأنه مشارك في هذاالجهد الوطني التنموي، باعتباره عبادة يتقرب بها الى الله تعالى، ويؤكد من خلالهصدق انتمائه لوطنه وأمته.

7- اننا عندما نؤكدعلى حقوق المواطنة، وعلى الكرامة الانسانية، وحقوق الاخوة العربية الاسلامية لمن يقيمونعلى أرض الاردن نتيجة التهجير القسري ولا يتمتعون بالجنسية الاردنية، وحتى تتمعودتهم الى أرضهم فلسطين ، فاننا نرفض أي هجرات أو أي عمليات توطين جديدة، كماأننا نرى في ذات الوقت أن خطط الاصلاح وبرامجه يجب أن تشق طريقها، ولا مسوغ لوقفهاأو اعاقتها أو تأجيلها، تذرعاً بالأوضاع السياسية في الاقليم، وبقاء القضيةالفلسطينية دون حل، اذ قد تستمر هذه الاوضاع فترة زمنية طويلة، دون نهاية أواستقرار. فالاصلاح يعني العدل والبناء، ورفع الظلم ومحاربة الفساد، وتحقيق السلامالاجتماعي، والامن الوطني، وقوة الدولة، ورفاهية الشعب ووحدته. وغياب الاصلاح أوتخلفه يعني الضعف والتفكك، الذي يفضي الى مساعدة العدو في نقل خطواته الى الامام،وتعظيم التوسعة في مشروعه، واطالة عمر الاحتلال، واستمرار تهديدات العدو لأمنالأمة كلها.

8- اننا نؤمن بأنوحدة الامة كلها فريضة شرعية، وواجب وطني وقومي، ومصير لا بد من بلوغه، وهذا يقتضياستبعاد أي سبب أو عامل يعيقها أو يضعفها على أي مستوى أو في أي اقليم، وحيث أنوحدة الشعبين في فلسطين والاردن أمر ضروري في المآل النهائي، وانطلاقاً من هذهالقاعدة، فاننا ندعو كل أبناء شعبنا الكريم الى استحضار هذا المآل، وذلك التاريخوالعلاقات والمصير المشترك والمستقبل الواحد، في الرؤى والمواقف والمعاملات، وكذلكاستحضار حقيقية أن الصراع ما زال قائماً بل هو مرشح للاستمرار، ونحن في الوقت ذاتهنحْذر ونقاوم رغبة العدو في تصفية القضية الفلسطينية من خلال حل قد يراه على حسابالدولة الاردنية خاصة، كما أن الوحدة التي ندعو اليها ونعمل من أجلها، هي تلك التييقررها الشعبان بارادة مستقلة، واختيار حر، وضمن ظروف ومعطيات سياسية ملائمة، وفياطار رؤيتنا للوحدة العربية والاسلامية.

{وَأَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَقُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}الأنفال63

خامس عشر: الاصلاحفي مجال السياسة والعلاقات الخارجية:

يتمتع الأردن بموقعجيوسياسي متميز، وفر له اهمية استراتيجية متميزة لدى مختلف القوى والاطراف الدوليةمنها والاقليمية على حد سواء، ولذلك حظيت سياسته الخارجية باهتمام دولي وعربيواسلامي خاص تبعا لموقعه. وترى الحركة الاسلامية ان رسم السياسة الخارجية الاردنيةيجب أن ينطلق من طبيعة انتماء الأردن العربي الاسلامي، ومن طبيعة تاريخه كخطمواجهة دائم مع الهجمات الصليبية والصهيونية والاستعمارية بذات القدر، ومن التفكيروالرؤية الاستراتيجية التي تتبناها الحركة ازاء وحدة الامة ووحدة اراضيها ومصيرها،ورفضها للعدوان والاحتلال والاستعمار على اي شبر من الارض العربية الاسلامية، وترىالحركة انه لا تعارض بين الخصوصيات المحلية للدول والاقاليم – بغض النظر عنالتقسيمات الحدودية التي فرضها الاستعمار، والقابلة للتعديل، بالتوافق بين الأشقاءالجيران، في اي مساحة جغرافية منها- وبين المشروع الوحدوي لحماية الامة وتكاتفهاوتكاملها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ولا ترى بأساً ان تكون لهذه الكياناتالسياسية والاجتماعية مكانتها في البنيان الوحدوي المنشود.

كما ترى الحركة انالاردن معني برسم سياسات خارجية، تحقق تكامل الشعب الاردني مع الانسانية بابعادهاالحضارية، والتعاون لما فيه مصلحة البشرية، ومن ذلك عضويته في المنظمات الدولية،وتوقيعه للاتفاقات الدولية التي لا تتعارض مع مبادئ الاسلام، والتي تحقق مصالحمشتركة للبشرية، وخصوصا ما يتعلق بمحاربة الفقر والبطالة، والامراض المعدية،والاحتكار والاستغلال، والعدوان المسلح، والجريمة والمخدرات، وما يتعلق بنشرالاخلاق والفضيلة، وحماية حقوق الانسان والبيئة، واقامة العدل بين الناس على اساسمن المساواة التامة في الحقوق والواجبات الاجتماعية والسياسية.

وفي ضوء هذه الرؤيةالفكريةالعامة، آخذين بالاعتبار التطورات السياسية والاجتماعية والتكنولوجيةوالدولية المعاصرة، ترى الحركة ان السياسة الخارجية الاردنية يمكن ان تنتظم وفق مايلي :

1- الاردن ارضاوشعبا جزء لا يتجزأ من الامة العربية والاسلامية، ينطلق من جبهة داخلية صلبة تحميسياساته الخارجية، وتؤكد هويته العربية الاسلامية.

2- السعي الىالتكامل السياسي والاقتصادي مع الوطن العربي والاسلامي، وبما يحقق مصالح الامة والاردنفي آن واحد، ويسعى لعضوية كل المنظمات والهيئات المنبثقة عن العمل العربي المشترك.

3- العمل الى جانبالاشقاء لحماية الارض العربية والاسلامية من اي عدوان، واعتبار ذلك من الاولوياتالاستراتيجية، وتقديم ما يلزم من دعم سياسي وعسكري واقتصادي واجتماعي، وعلى الاخصلقضيتي فلسطين والعراق.

4- السعي لحرمانالكيان الصهيوني من استثمار الاجواء العربية والدولية لتحقيق مصالحه الاقتصاديةوالسياسية والامنية، واعتبار هذا الكيان خارجاً على القانون الدولي، والعمل علىممارسة الضغط عليه في المنتديات الدولية والعربية لوقف عدوانه وانهاء احتلاله.

5- تجنب الدخول فيأي خلافات مع الأشقاء، والعمل على دعم العمل المشترك العربي أو الاسلامي، وبذلالجهد لتوحيد المواقف العربية والاسلامية في المحافل والمنظمات الدولية، لما فيهمصلحة الوطن والأمة.

6- منح العلاقاتالعربية والاسلامية الاولوية على حساب أية علاقات اخرى، وتأكيد حق الشعوب فيمقاومة المحتل بكل الوسائل والسبل.

7- ممارسة سياسةالانفتاح السياسي والاقتصادي على مستوى العالم، والمشاركة في عضوية مختلف المنظماتالدولية والاقليمية التي تحقق مصالح البشرية والمصالح العليا للامة العربية والشعبالاردني.

8- نعتقد أنالعلاقات الدولية ضرورة انسانية، ويجب أن تسعى السياسة الخارجية الاردنية لبناءعلاقات الصداقة والتعاون مع مختلف شعوب العالم على قدم المساواة، وعلى اساس منالاحترام وتحقيق المصالح المتبادلة والمعاملة بالمثل، وبما يحقق مقاصد الدينالاسلامي في الهداية والحرية والتعاون الانساني. وتأخذ بعين الاعتبار في وضعاولوياتها تلك الدول التي لا تنتهج سياسات معادية أو مناهضة لمصالح الأمة، وتتخذمواقف داعمة أو غير معادية لللامة العربية والاسلامية في مختلف المجالات.

9- الايمان باهميةالامن والسلم العالمي، والسعي لدعم اي توجهات تخدم تحقيقهما في مختلف انحاءالعالم، وبما لا يتعارض مع قواعد العدل والحق والحرية والكرامة وحقوق الانسان لكلشعوب الارض على قدم المساواة، والتعاون مع الاقطار العربية الاخرى في دعوة شعوبالعالم والقوى الخيرة الى تحالف لاقامة سلام عالمي عادل يرتكز على:

• التخلص من كلانواع الاحتلال والاستعمار، ومنع التدخل في شئون الغير بالقوة، والتخلص من أسلحةالدمار الشامل في كل بقاع الارض.

• اعادة كلاللاجئين والمهجرين الى اوطانهم وحفظ حقوقهم وكرامتهم، والإقرار بحق الشعوبالمحتلة المطلق في تقرير المصير والاستقلال، وتفعيل التعاون الدولي على أسسالعدالة، والمساواة الانسانية والكرامة البشرية.

• عزل كل الحركاتوالمنظمات والدول التي تقوم على اسس عنصرية وعلى راسها الحركة الصهيونية والكيانالصهيوني.

• الاتفاق علىتعريف محدد للارهاب، والتفريق بينه وبين المقاومة المشروعة ضد الاحتلال والاستعماروالظلم المسنود بالقوة المسلحة، وتتبنى الحركة المفهوم التالي للارهاب:-

الإرهاب: هواستخدام غير مشروع للعنف، أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، بهدف بث الرعببين الناس، وتعريض حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد،وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة، وهو بذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوةالمسلحة في إطار المقاومة المشروعة. وهو بهذا انتهاك للقواعد الأساسية للسلوكالإنساني، ومنافاة للشرائع السماوية والشرعية الدولية لما فيه من تجاوز على حقوقالإنسان.

وتتبنى الحركةالتعريف التالي للمقاومة:

المقاومة: هياستخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلالوالاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاًسياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية. وتستندمشروعية المقاومة إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة،استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقريرمصيرها، والدفاع المشروع عن النفس، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة،والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب.

* ومن ذلك يتبين أنالمقاومة عمل مشروع لتحقيق مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال، فيماالإرهاب يمثل اعتداءً على حق هذه الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.

* وهذا يقتضي دعمحركات المقاومة والتحرر لكل الشعوب المحتلة في العالم لتمكينها من تحقيق استقلالهاوتقرير مصيرها. والسعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين، وكذلك مواجهة ارهابالدولة والحد من تفاقمه، بايجاد موقف عالمي موحد في مواجهته، وتوسيع الحوارالثقافي والحضاري بين العالم العربي والاسلامي من جهة والغرب من جهة أخرى.

سادس عشر: القضاياالكبرى

أ‌) فلسطين والصراعالعربي- الصهيوني

تقوم رؤية الحركةالاسلامية للقضية الفلسطينية على الحقائق التالية:

1- فلسطين من البحرالى النهر حق تاريخي وسياسي وقانوني لشعبها الذي هو جزء من الامة العربيةوالاسلامية، وان هذه الارض ملك ووقف لهذه الامة، وان ذلك جزء من عقيدة الامةومقدساتها الكبرى، وان قضيتها تعد القضية السياسية الاولى والمركزية للامة العربيةوالاسلامية، وهذا يتطلب منها بذل قصارى جهدها لتحريرها، ودعم شعبها في جهاده منأجل التحرير والاستقلال والعودة.

2- ان أية اجراءاتسياسية او عسكرية او غيرها يمكن ان تنتقص من هذا الحق اجراءات باطلة وغير شرعيةومرفوضة، ولا يملك احد التنازل عن هذا الحق او عن جزء منه، وعلى العرب والمسلمين،والشعب الاردني جزء منهم، واجب تحريرها.

3- تحرير الارضالفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في العودة وتقريرالمصير من مسؤولياتنا الوطنية والقومية والاسلامية، ينبغي أن تحظى باولوية فيالدعم والتبني والمشاركة بمختلف المستويات، وفي كافة علاقات بلدنا الخارجية، وذلكلدعم نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال، وتأييد حقوقه الثابتة المشروعةبالتحرير والعودة والاستقلال وحق تقرير المصير.

4- الصراع معالمشروع الصهيوني هو صراع حضاري بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والعسكريةوالعقائدية، وان الكيان الصهيوني مصدر الخطر الاكبر على امننا وحضارتنا ومستقبلنا،وان اتفاقيات السلام القائمة مع هذا الكيان انما هي سبيل لتكريس اغتصابه لارضناوحرية شعبنا، وان الجهاد في سبيل الله والمقاومة بكل أشكالها هما السبيل الىالتحرير.

5- ان المحاولاتالتي تستهدف النيل من الفكر او التوجهات او البرامج التي تعيد هذا الحق الى نصابهوفق ما اشرنا اليه سابقا انما تقف خلفها جهات وقوى متعددة لا تريد بهذه الامةوالشعب الفلسطيني خيرا، فالصراع ماض حتى ازالة الاحتلال وتحقيق العودة المظفرةباذن الله.

6- وجوب العمل علىمحاصرة الكيان الصهيوني الغاصب كوسيلة مهمة من وسائل المواجهة والصراع لاضعافهوعزله، وان جهود التطبيع مع العدو والانفتاح عليه انما هي عوامل دعم واسناد له فيتحقيق مشروعه التوسعي من جهة، وتخذيل واضعاف لصف الامة وتسويف في احقاق الحقوتحرير الارض من جهة أخرى، وقد اثبتت التجارب هذه الحقيقة عمليا خلال عشرات السنينالماضية.

7- مدينة القدسوالمسجد الاقصى أقدس مقدسات المسلمين الى جوار مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهيمركز البركة والقداسة المؤكدتين في عدة آيات في كتاب الله تعالى، والذي يضفي هذهالبركة على كل بلاد الشام، والحفاظ عليهما من أوجب واجبات الأمة، والتفريط بهماتفريط بأثمن ما تملك الأمة.

8- ونظراً لخصوصيةالقضية الفلسطينية وخطورة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في مواجهة الآلة العسكريةالصهيونية المدعومة من الادارة الامريكية، فان الامة العربية الاسلامية وفيمقدمتها الشعب الاردني لخصوصية العلاقة، مطالبتان بالوقوف الى جانب الشعبالفلسطيني ودعمه، بما في ذلك توفير الحياة الكريمة لابنائه، ووقف اي اجراءاتتمييزية بحقهم في جميع البلاد العربية والاسلامية، تحول دون تمتعهم بحياة كريمة،ودعم صمودهم في الداخل والخارج، حتى يتمكن هذا الشعب من القيام بواجب الجهادوالمقاومة، كخندق متقدم للأمة يحول دون تمدد الكيان الصهيوني، وكطليعة للتحريرالقادم باذن الله.

ب‌) العراق والتدخلالعسكري الاجنبي

مثل الاحتلالالعسكري الأميركي- البريطاني وحلفاؤهما للعراق اعتداء على حرمة الارض العربية،وعلى حرمة شعوبها وثرواتها وكرامتها وسيادتها، وبرغم الاتفاق العام على اهداف هذاالاحتلال غير الشريفة واللا إنسانية، وعلى الاخص فيما يتعلق بمحاصرة المشروعالعربي-الاسلامي النهضوي، وتمزيق الامة، والتحكم في سياساتها، ونهب النفط والثرواتالعراقية، وحماية ودعم الكيان الصهيوني وتوسيع نفوذه، وتثبيت اقدامه على أرضالخليج العربي ومياهه، ومحاصرة المقاومة في فلسطين ولبنان، وضرب الممانعة لبعضالدول العربية، واعادة تشكيل المنطقة سياسياً، وتغيير هويتها الثقافية، الا انالمواقف الرسمية العربية لم تتمكن من تمثيل مواقف شعوبها ولا حتى على الصعيدالاخلاقي امام الترهيب والترغيب الاميركي المستمر، وان المقاومة العراقية الباسلةهي المعبر عن مبادئ الأمة ومصالحها أصدق تعبير.

وتعتقد الحركةالاسلامية ان هذه القضية تأتي في مقدمة القضايا الكبرى للشعب الاردني والامةالعربية، ولذلك فانها ترى ان الواجب يدعو شعبنا وامتنا للقيام بما يلي :

1- رفض الاحتلالوافرازاته باعتباره عملاً عدوانياً همجياً خارجاً على كل المواثيق والقوانينالدولية، ويفتح الباب في حال تمكنه من تحقيق أهدافه – لا قدر الله -، الى تكرارالتجربة انطلاقاً من أهداف عقدية واقتصادية.

2- دعم المقاومةالعراقية الباسلة والشعب العراقي الابي بكل اشكال الدعم المتاحة لتعزيز صموده،وتسريع تحقيقه لاهدافه في اجلاء قوات الاحتلال، واستعادة سيادته، وبناء الوطنالعراقي العربي المسلم الموحد.

3- التمييز الدقيقبين الاعمال العشوائية والفوضوية التي تستهدف شرائح من الشعب العراقي، او تعمل علىاثارة الحرب الطائفية فيه، من اي جهة كانت، بوصفها اعمالا عدائية ضد الشعبالعراقي، وبين المقاومة المشروعة التي كفلتها الشرائع السماوية، والمواثيقالدولية، لمواجهة قوات الاحتلال وعملائها.

4- العمل على تعبئةالرأي العام العربي والاسلامي والانساني ضد الاحتلال وهمجيته، لايجاد تحرك نشطوشامل، يوفر الدعم للمقاومة، ويشكل عامل ضغط على المحتلين، لتعجيل اجلاء قواتالاحتلال.

5- التاكيد علىالترابط الوثيق بين اهداف المشروعين في احتلال العراق وفلسطين، وارتباط المحتلينوتنسيقهما ضد مصالح الامة وتطلعاتها.

6- التأكيد على أنأي انتصار يتم على أرض العراق يشكل بداية النهوض للأمة، بعد أن خضعت حكوماتهالسطوة الادارة الامريكية المتوحشة، وبداية لوضع حد لحالة التفرد الامريكي التيشهدها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

سابع عشر: في مجالالوحدة العربية والاسلامية :

انطلاقا من قولالله عز وجل: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْفَاعْبُدُونِ }الأنبياء92، فان الحركة الاسلامية تنظر الى وحدة الامة العربيةوالاسلامية باعتبارها فريضة شرعية، وترى الحدود القائمة بين الاقطار العربيةوالاسلامية جراحا في قلوب العرب والمسلمين، وتعدها منكرات وآثار جريمة تأمريةعالمية يجب العمل على ازالتها، حيث تتحمل الانظمة والحكومات المسؤولية الكبرى فيبقاء حالة التشرذم والضعف نتيجة تفردها بالسلطة، وتغييبها لدور الشعوب وحقها فيالحكم، علاوة على تثبيت الحالة القطرية وترسيخها، أما جماهير الامة فقد أكدتاستعدادها للوحدة وتمسكها بها، بالتفافها حول قضايا الامة، واستعدادها لكل تضحيةللدفاع عنها، رغم كل الظروف القاسية، وعندما تنتزع هذه الشعوب حقوقها في السلطةوفي ادارة شؤونها، فستكون الوحدة قريبة المنال وممكنة التحقيق، وتسعى الحركةلتحقيق وحدة الامة بالتدرج من خلال ما يلي:

1- تعزيز الوحدةالثقافية المستندة الى عقيدة الامة وحضارتها، من خلال تعميق الثقافة الاسلاميةواعطاء اللغة العربية ما تستحق من عناية في جميع المراحل التعليمية والبرامجالاعلامية، وتبادل المطبوعات والاعمال الادبية، والمواد الاعلامية والتجاربالعملية، وعقد المؤتمرات الثقافية والعلمية.

2- تعزيز الوحدةالاقتصادية القائمة على التكامل الاقتصادي، وايجاد السوق العربية المشتركة، وتوحيدالعملة، والغاء تأشيرات السفر والقيود الجمركية، واعطاء الاولوية عمليا للتبادلالتجاري بين الدول العربية والشعوب الاسلامية، وتوظيف موارد الامة وثرواتها لخيرابنائها. والتصدي لفكرة اقليم الشرق الاوسط بأي صفة، ولأية تقسيمات اخرى يراد منهاالغاء الهوية العربية والاسلامية ومسمى العالم العربي وفرض الهيمنة عليه.

3- تعزيز الوحدةالقانونية وصولا الى قوانين عصرية، مستندة الى عقيدة الامة وثوابتها، تطبق داخلجميع الاقطار العربية والاسلامية.

4- تفعيل منظماتالعمل الشعبي العربي المشترك في المؤتمرات والاتحادات ومنظمات حقوق الانسان،وهيئات الاغاثة، والحركة الجماهيرية، اسهاماً في تجذير مشاعر الوحدة ومفاهيمها، وفيايجاد رأي عام ضاغط للسير باتجاهها.

5- تنقية الاجواءبين الاقطار العربية والاسلامية، ووضع حد للنزاعات الحدودية، واللجوء الى الحلولالاخوية، بعيدا عن الاستجابة للمناورات الدولية الهادفة الى تمزيق الامة.

6- وضع حد للاقتتالالداخلي بين بعض الانظمة العربية والحركات الوطنية والاسلامية، الذي لا يستفيد منهالا اعداء الامة، والعمل على ضمان حرية العمل الوطني والاسلامي، باعتبارها حقامشروعاً، وضمانةً للاستقرار، وداعما لصمود الامة في مواجهة التحديات والاخطار.

7- رفع الحصاربأشكاله المختلفة، المفروض على بعض الدول العربية والاسلامية، والعمل على تحريرالاقطار العربية والاسلامية الرازحة تحت الاحتلال، كفلسطين والجولان، والاراضياللبنانية، والعراق والشيشان، وافغانستان وكشمير.

8- اخراج القواتالاجنبية المحتلة من الاراضي العربية والاسلامية، أوالمتحكمة في شواطئها وممراتهاالمائية، تحت شعارات خادعة، كالانسانية والشرعية، والارادة الدولية، وحقوقالانسان، او تحقيق الامن لبعض الدول، وانهاء القواعد الامريكية في المنطقة.

9- التصدي للدعواتالعرقية والاقليمية والطائفية التي تستهدف تجزئة الامة وزرع الاحقاد بينها، وفضحأهدافها ومخططاتها والجهات التي تقف وراءها.

10- تفعيل اتفاقياتومنظمات العمل العربي المشترك، لتستأنف رسالتها في مجالات التربية والثقافةوالعلوم والاقتصاد والزراعة والصناعة والدفاع ، والعمل المشترك في سائر مناحيالحياة.

11- تشجيع أي مسعىللوحدة بين أي قطرين عربيين او اسلاميين او اكثر، وصولا الى الوحدة الشاملة علىثوابت الامة وعقيدتها . والدعوة الى انشاء وحدات اقليمية عربية على النحو التالي،شريطة ان تظل الوحدة العربية الشاملة هدفا استراتيجيا ثابتا : 1- وحدة بلاد الشاموالعراق/2- وحدة الجزيرة العربية واليمن/3- وحدة وادي النيل/4- وحدة المغربالعربي.

12- توثيق الروابطالثقافية والسياسية والاقتصادية مع الاقطار الاسلامية المستقلة عما كان يعرفبالاتحاد السوفيتي، ودعم الاقليات العربية والاسلامية وشعوب الأمة المضطهدة فيمطالبها العادلة لنيل حقوقها، والمحافظة على هويتها ورسالتها، الحضارية ودفعالعدوان عنها.

13- تطوير منظمةالمؤتمر الاسلامي والجامعة العربية لترتقي الى مستوى طموحات أبناء الأمة، والىمستوى مواجهة الاخطار والتحديات التي تحيط بالامة جميعاً، ولتأخذ دوراً وحدوياًحضارياً وواقعياً.

الخاتمة

وبعد فان الاصلاحفريضة شرعية، وضرورة حياتية، فقد دفعت الامة -والاردن جزء منها- الثمن غاليا في ظلالاوضاع القائمة، حيث استشرى الفساد بكل اشكاله: السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالاخلاقية، فاتسعت الفجوة بين واقع الامة والواقع النموذج الذي اراده الله، وعبرعنه القرآن الكريم بلسان عربي مبين "كنتم خير أمة أخرجت للناس" فغابتالعدالة، ونشأت اختلالات اقتصادية واجتماعية، وبرزت قيم واتجاهات هجينة ومتخلفة،وغدت امتنا في ذيل القافلة، ونهبا لكل طامع، فبات الاصلاح ضرورة ملحة لا تحتملالتأجيل، حتى لا يحق عليها قول ربها تبارك وتعالى "ومن أعرض عن ذكري فان له معيشةضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى".

والمشروع هذااجتهاد تم انجازه بجهد جماعي نتقدم به الى أبناء شعبنا وأمتنا رسميين وشعبيينآملين ان يشكل اسهاما في تحقيق الاصلاح الذي يضع حدا لحالة الضنك التي يعيشهاشعبنا، ونحن في ذلك لا ندعي الكمال فان احسنا فمن الله وان اسأنا فمن أنفسنا،وعذرنا اننا اجتهدنا، ولكل مجتهد نصيب . آملين ان يحظى بالاهتمام اللازم من الساسةوالمفكرين والمصلحين والاعلاميين والمربين، ومرحبين بكل نقد هادف يستكمل نقصا أويسد خللا أو يعزز جهدنا، سائلين المولى عز وجل ان يشرح صدور المخلصين في بلدنا وأمتناللالتقاء على كلمة سواء نعزز من خلالها قيم الحق والخير والتعاون والشورىوالديموقراطية ونحفظ هويتنا ونرسخ وحدتنا الوطنية كمقدمة للوحدة العربيةوالاسلامية، ونطلق طاقات شعبنا ونداوي من خلالها أمراضنا وعللنا، وننهض بشعبناوأمتنا الى المستوى اللائق بأمة تريد أن تحيا حياة كريمة ، والله الموفق والهاديالى سواء السبيل. {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُوَإِلَيْهِ أُنِيبُ} وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

* المصدر :