كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور عبد الله النسور الأولى


10  تشرين الأول/أكتوبر 2012
بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزنا دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور، حفظه الله ورعاه،
فيسرني أن أبعث إليك بتحية ملؤها التقدير والاعتزاز،
والدعاء لك بموفور الصحة والتوفيق،
وبعد،،

لقد عرفتك والأردنيون جندياً مخلصا، وكنت مثالا في القدرة على التصدي للتحديات بحكمة واقتدار في سائر المواقع التي حللت بها، وصاحب سيرة عطرة تؤهلك لتبوء موقع المسؤولية في مرحلة وطنية وإقليمية دقيقة كالتي نمر بها الآن.

أما وقد قبلنا استقالة حكومة دولة الأخ الدكتور فايز الطراونة، بناء على الاستحقاقات الدستورية التي نجمت عن تعديل الدستور، والتي تستوجب استقالة الحكومة بعد حل مجلس النواب، مرتكزين في اجتهادنا على ما نتلمسه من تواصلنا الدائم مع مختلف قطاعات شعبنا العزيز، وفي ضوء ما تتمتع به من خبرة طويلة وإلمام في مختلف مناحي العمل العام والقضايا الوطنية، فإنني أعهد إليك بتشكيل حكومة جديدة تبني على ما تحقق من إنجازات عبر السنوات الماضية، وتنهض بالمهمات والواجبات التي تتطلبها المرحلة.

وقبل الخوض في تفاصيل الرؤية التنفيذية التي نعهد إليك بها، لا بد من استعراض محصلة مسيرة الإصلاح وما أنتجته من قواعد دستورية وقوانين ومؤسسات ديموقراطية، ستساهم بشكل ملموس في جعل المواطن في قلب عملية صناعة القرار.

فمنذ عشر سنوات ونيف، دعونا إلى الإصلاح والتحديث، وحققنا إنجازات لا بأس بها على هذا الصعيد، وحين مرت المنطقة بالربيع العربي، عكفنا على تسريع تنفيذ نهج إصلاحي مترابط، فتوالت الإصلاحات والإنجازات، مكتسبا ديموقراطياً تلو الآخر، فعُدِّلَ وطوّر قانون الاجتماعات العامة، وتم تأسيس نقابة المعلمين، وشُكِّلَت لجنة وطنية للحوار للتدارس في شأن قانوني الانتخاب والأحزاب، وقادنا التوافق الوطني المتاح إلى قانوني أحزاب وانتخاب نتطلع إلى استمرار تطويرهما عبر القنوات الدستورية والمؤسسية، ثم جاءت التعديلات الدستورية التي طالت حوالي ثلث الدستور، فرسخت الحريات، ووفرت المزيد من الضمانات للسلطة القضائية والتشريعية إزاء السلطة التنفيذية، فألغت إمكانية تعطيل الحياة البرلمانية وقيَّدت حل مجلس النواب. ونحن نعيش اليوم الأثر الإيجابي لهذه التعديلات على حياتنا السياسية، كما نتج عنها مؤسسات ديمقراطية جديدة، أبرزها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب. كما نفذنا جملة الاستحقاقات التي شكلت محاور رؤيتنا لعملية التجديد الديمقراطي والسياسي، فأُنجِزَت القوانين الناظمة للحياة السياسية، وحُلَّ البرلمان، ودعونا لانتخابات مبكرة، ونتطلّع قدماً للبرلمان القادم الذي سيؤسس لإرساء مفهوم التحول نحو الحكومات البرلمانية.

والعبرة في كل ما تقدم هي أن المواطن الأردني سيحدد بصوته البرلمان القادم والحكومة المنبثق عنه عبر صناديق الاقتراع، وسيتمتع بأجواء أكثر ديمقراطية عبر رقابة عدة مؤسسات تحمي الحقوق والحريات والتوازن بين السلطات. وقد كانت هذه التوطئة ضرورية لتوضيح الوجهة الإصلاحية التي نؤكد على الاستمرار بها وتطويرها.

وعليه، فإن حكومتك التي ستضطلع بمهام وطنية جليلة معقود عليها الأمل بتقديم أداء وطني رفيع. ففي المجال السياسي يتصدر أولويات هذه الحكومة دوركم في تعزيز التعاون مع الهيئة المستقلة للانتخاب ودعمها، حيث أنها الجهة التي ستتولى إدارة الانتخابات المبكرة والإشراف عليها وفق أفضل المعايير الدولية للنزاهة والحياد والشفافية وعدالة العملية الانتخابية، وصولا إلى انتخاب مجلس نيابي يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب وتطلعاته في مستقبل أفضل. وعلى ذلك، فإن مسؤولية هذه الحكومة الرئيسة في هذه المرحلة الانتقالية هي التأسيس لنقلة نوعية في تاريخ الأردن السياسي وتحوله الديمقراطي.

كما يُؤمل من حكومتكم، خلال الفترة التي تفصلنا عن يوم الاقتراع، مواصلة الحوار مع جميع شرائح المجتمع والأحزاب والقوى السياسية لتشجيعها على المشاركة الفاعلة في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً، والاستمرار في حثّ الأحزاب والقوى السياسية على تبني برامج عملية ومنطقية تقنع الناخبين وتستجيب لطموحاتهم، وتمكنهم من التأثير بفاعلية في عملية رسم السياسات، خاصة فئة الشباب لدورها الريادي في مسيرة الإصلاح والتحديث.

كما أوجه حكومتكم إلى الإسراع في البناء على ما تم إنجازه في موضوع الانتخابات البلدية، بما يرسخ النهج الديمقراطي، ويثري العملية التمثيلية في كل مستوياتها، لتمكين المواطنين من صنع قرارهم الوطني والمحلي وتعزيز ثقتهم بدولتهم ومؤسساتها. وإننا نتطلّع قدماً إلى يوم الانتخابات البلدية، كمحطة رئيسة في تنفيذ توجهاتنا المستقبلية نحو اللامركزية والحكم المحلي، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والتي بدت مؤخراً وللأسف ملامح تراجعها، وسيكون الفيصل والحسيب والرقيب على البلديات صوت المواطن ووعيه في انتخاب الأفضل.

دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور،
لقد بادرنا منذ انطلاق الربيع العربي وتجلياته الأردنية إلى تحويل التحديات إلى فرص وحوافز للإصلاح وترسيخ الديمقراطية. وسيسجل التاريخ، والذاكرة الوطنية أن الربيع الأردني كان حضاريا ومسؤولا وواعيا ونموذجا في السلمية. وهنا أؤكد على مسؤولية حكومتكم في احترام حق المواطن في التعبير عن الرأي في إطار القانون، والتأكيد على حقه في التظاهر السلمي الذي لا يعتدي على الممتلكات العامة أو الخاصة ولا ينتهك حقوق الآخرين أو ينتقص منها، بل يحترم اختلاف الرأي وتنوعه، دون التهاون في حفظ أمن الوطن والمواطن وفرض النظام وسيادة القانون.

وإيمانا منا بأن العدل هو أساس الملك، وأن الجهاز القضائي هو الضمانة لتحقيق العدالة والمساواة وسيادة القانون بين الجميع، فإن على الحكومة تقديم كل أشكال الدعم لتمكين جهازنا القضائي من تنفيذ خططه وبرامجه، وتحسين أداء مرافقه وأجهزته، وتسريع إجراءات التقاضي.

وإننا ننظر بكل اعتزاز إلى المنجز الديمقراطي والدستوري الذي سجله الأردن مؤخراً، والذي تمثّل في تشكيل ومباشرة المحكمة الدستورية لمسؤوليتها، ونوجهكم هنا لتوفير سائر أشكال الدعم لها لتتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه، وبما يحفظ مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات وسيادة القانون وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية.

كما نوجّه الحكومة إلى العمل بجدية لإطلاق منظومة متكاملة لضوابط العمل العام، تتضمن آليات محددة للتعيين والترفيع وخاصة في المناصب العليا، بما يضمن بناء القدرات والكفاءات والحفاظ عليها، وتعزيز مبادئ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية.

عزيزنا دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور،
إن حكومتكم تتولى أمانة المسؤولية الوطنية في ظروف اقتصادية ومالية صعبة، على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية. ولا بد في هذا المجال من إيلاء الاهتمام لجملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس آثارها السلبية على حياة المواطنين.

فالتحديات المالية والاقتصادية المختلفة التي نواجهها، والتي تراكمت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات المالية العالمية المتتالية وتداعيات الربيع العربي، وخاصة تلك المتمثلة في الارتفاع المضطرد في أسعار الغذاء والطاقة التي يستورد الأردن غالبيتها العظمى تتطلب إعداد موازنة متوسطة المدى، لِتُعرَضَ على البرلمان القادم، على أن تتوخى الحكومة وكافة مؤسسات القطاع العام أعلى درجات الانضباط والحصافة والمسؤولية في تقييم أوجه الإنفاق وتنفيذ بنوده.

وبالتوازي مع تنفيذ سياسات الضبط المالي، فمن المطلوب أيضاً التصدي لانعكاسات الظروف الاقتصادية والتحديات المالية المتوقعة على المواطنين، الذين هم أولويتنا الأولى والأهم، خاصة الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود من خلال تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، واستحداث آليات جديدة لتوجيه الدعم لمستحقيه بالتشاور والحوار مع مختلف القطاعات ومؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية المختلفة، بما يضمن الحياة الكريمة لهم، ويقوي الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام الأمان في المجتمع والرافعة الحقيقية لإنجاح عملية الإصلاح الشامل.
‪         ‬‬
ولا بد أيضاً من متابعة تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية لتحسين البيئة الاستثمارية، وتذليل الصعوبات التي تواجه المستثمرين، وبذل المزيد من الجهود لاستقطاب استثمارات محلية، وعربية وأجنبية ذات قيمة مضافة عالية، والاستفادة من نعمة الأمن وميزة الاستقرار، لتوفير فرص عمل للأردنيين وبما ينعكس إيجابياً على نوعية حياتهم.

ونوجه هنا إلى ضرورة أن تأخذ الموازنة المتوسطة المدى في الاعتبار مستلزمات تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، الذي تم إعداده من الحكومة السابقة وبتأييد ودعم من المؤسسات المالية الدولية، بما يؤدي إلى إزالة الإختلالات الاقتصادية والمالية، وزيادة الاستثمارات لاستعادة زخم النمو الاقتصادي وبمسار مؤسسي واضح يعيد التوازن للمالية العامة ولميزان المدفوعات، وبما يحمي الاستقرار المالي والنقدي وصولا إلى الأهداف المرجوة، ومنها استمرار ثقة المجتمع الدولي بالاقتصاد الأردني ورفع كفاءة الاعتماد على الذات.

وإننا إذ نُدرك تماماً حجم التحديات الاقتصادية والمالية، لواثقون من قدرتنا على مواجهتها والتصدي لتداعياتها، وإن كان ذلك تدريجياً وعلى المدى المتوسط والطويل للحفاظ على أمننا الاقتصادي والاجتماعي، ولحماية مكتسباتنا الوطنية لتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وتجدر الإشارة هنا إلى سلسلة من الإجراءات والخطوات التي لا بد من اتخاذها وتضمينها في سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية. فهناك ضرورة لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها وآليات التعاون فيما بينها لمعالجة مواطن الخلل في عملية التصدي بكل حزم وشفافية لكل شبهات وحالات الفساد وتحويلها إلى القضاء العادل النزيه، ومن الضروري أيضاً مواصلة دعم هيئة مكافحة الفساد وسائر الجهات الرقابية بما يمكنها من القيام بواجباتها على أكمل وجه.

وقد يكون من المفيد التوافق على ميثاق يعزز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون ويضمن تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية.

وعلى الصعيد التنموي، فمن الضروري توفير الدعم اللازم لصندوق تنمية المحافظات، الذي تم إطلاقه مؤخراً، وتسريع تنفيذ مشاريعه بما يضمن عدالة أكبر في توزيع مكتسبات وعوائد التنمية على مختلف المناطق، وإيجاد فرص عمل جديدة، وتعزيز ثقافة الأعمال الريادية، بالإضافة إلى توفير فرص أكبر للقروض الصغيرة والميسرة لا سيما في المناطق ذات الظروف الخاصة والأقل حظاً، وبما يشجع روح المبادرة والاعتماد على الذات.

إن الاستمرار في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن يشكل أحد أهم أولويات الحكومة، وعلى ذلك، فلا بد للمسؤولين من توجيه الأولوية للعمل الميداني الذي يضمن التواصل المباشر مع المواطنين وقضاياهم، حتى يكون الوزراء جميعاً قدوة لكل موظفي القطاع العام في ريادة العمل الميداني والتواصل الإيجابي مع المواطنين والاستجابة السريعة والعادلة والحكيمة لقضاياهم في جميع المحافظات.

ومن أبرز التحديات التي يجب على هذه الحكومة التصدي لها الاستمرار في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي تولي الشباب أهمية كبيرة في سبيل تمكينهم من بناء مستقبلهم، وإيجاد فرص العمل الملائمة لهم، بالإضافة إلى الإسراع في إنجاز مشروع قانون حماية المستهلك لضمان حماية المواطن من أثار التضخم في الأسعار، وتآكل الدخول، بالإضافة إلى مواصلة العمل لتحسين مستوى الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة والفئات الأخرى المحتاجة للرعاية الاجتماعية، وأخذ توصيات ومخرجات لجنة التحقيق بالتجاوزات في مراكز إيواء ذوي الاحتياجات الخاصة بعين الاعتبار.

الأخ الدكتور عبدالله النسور،
لقد أكدنا في أكثر من مناسبة ضرورة إجراء تقييم موضوعي للسياسات الاقتصادية التي اتبعها الأردن خلال العقدين الماضيين. وعليه، فإنني أدعو إلى تشكيل لجنة من الخبراء المحليين والدوليين في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية من ذوي الخبرة والنزاهة والحياد، وتكليفهم بمراجعة سياسات وعمليات الخصخصة التي قامت بها الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ الأزمة الاقتصادية عام 1989، للوقوف على أثرها الاقتصادي والاجتماعي على أساس الحقائق وليس الانطباعات أو الإشاعات، لمعرفة نقاط الضعف والنجاح وإطلاع المواطنين على نتائجها بكل شفافية، والاستفادة من الدروس المستقاة، وتضمينها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية.

إن عصب العملية الاقتصادية هو الطاقة، وقد كنّا من أوائل دول المنطقة التي تنبهت إلى أهمية تطبيق برامج وسياسات تضمن تنوعا متدرجا لمصادرها من شأنه تحصين بلدنا من التقلبات العالمية في الأسعار، وبالتالي تكريس سيادة واستقرار قراراتنا الاقتصادية والتنموية. وتتجلى أهمية هذا التحدي في الارتفاع المستمر في فاتورة الطاقة ودعمها، وهي عناصر تأثرت بارتفاع الأسعار العالمية، واستمرار انقطاع الغاز المصري. وعليه، فقد بات لزاما على حكومتكم الإسراع في تنفيذ البرامج والسياسات التي تضمن تنويع مصادر الطاقة، خاصة البديلة والمتجددة والبرامج المساندة التي تزيد من كفاءة استخدامنا واستهلاكنا لها، والتسريع في المشاريع الإستراتيجية للطاقة. والاستجابة لهذا التحدي مسؤولية وطنية وأمانة لا بد من تحملها وإنجازها من أجل مستقبل الأجيال القادمة، التي نريد أن تتوفر لها كل أسباب الحياة الكريمة.

عزيزنا دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور،
تمر منطقتنا بأحداث عاصفة غير مسبوقة، تتطلب منا الوعي والحكمة واليقظة وبذل المزيد من الجهد لحماية الوحدة الوطنية، وتماسك الجبهة الداخلية، والوقوف صفا واحدا للدفاع عن الوطن ومكتسباته وعدم الإساءة لإنجازاته ونسيجه المجتمعي. ويبرز هنا دور الإعلام كمنبر للحوار الوطني البناء، ودوره الرقابي الهام والداعم لعملية الإصلاح، من خلال الكشف عن الأخطاء والتنبيه إلى التقصير، عبر أدوات العمل الإعلامي المتنوعة والمستندة إلى المصداقية والحياد، والنقد الموضوعي والبنّاء، والتي تسهم في تشكيل أجندة الأولويات والنقاشات والحوارات الوطنية بما يخدم احتياجات الوطن والمواطن ويثري العملية الإصلاحية. ونوجهكم هنا إلى الاستمرار في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للإعلام بمختلف محاورها وأدواتها من أجل تأسيس تعاون وتواصل شفاف ومثمر بين الدولة والإعلام والمواطن، والمساهمة في الارتقاء بمستوى ونوعية أداء الإعلام الوطني.

إن التطورات الإقليمية التي أشرنا إليها قد رتبت تحديات أمنية غير مسبوقة يتصدى لها أبناء وبنات الوطن النشامى بكل حكمة ومهنية وشجاعة في قواتنا المسلحة الباسلة وجميع المؤسسات الأمنية، ويبذلون المستحيل ويصلون الليل بالنهار ذودا عن الوطن وحرصاً على أمن وراحة المواطن. وعليه، فإن من الواجب الاستمرار في تقديم الدعم لجميع منتسبي قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية الباسلة الساهرة على أمن واستقرار الوطن، كي تواصل النهوض بمسؤولياتها الجسام بمنتهى الكفاءة والاقتدار، وإبراز وجه الأردن الحضاري والإنساني على المستوى الإقليمي والعالمي.

دولة الدكتور عبدالله النسور،
منذ اندلاع الأزمة السورية وتطور الأحداث المؤسفة، عقد الأردن العزم على المضي في تحمل مسؤولياته القومية والإنسانية تجاه أشقائنا السوريين الذين أجبرتهم الظروف على اللجوء إلى الأردن. ونوجه الحكومة في هذا السياق إلى الاستمرار في  توفير كافة أشكال الدعم لهم ضمن الإمكانات المتاحة، وتكثيف الاتصال مع المنظمات الدولية المختصة والمجتمع الدولي من أجل توفير الدعم المادي والإغاثي اللازمين لتحسين مستوى الخدمات والرعاية المقدمة للاجئين السوريين، ولتفادي تفاقم الوضع الإنساني لمخيمات اللاجئين على أعتاب فصل الشتاء.

وفيما يتعلق بمختلف القضايا العربية والإسلامية، فإن على حكومتكم الاستمرار في تعزيز العمل العربي المشترك ودعم قضايا أمتينا العربية والإسلامية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وقد أعلن الأردن في أكثر من مناسبة ومحفل دولي أن القضية الفلسطينية تتصدر أولويات سياسته الخارجية، ومن هذا المنطلق، نوجّه الحكومة للاستمرار في تقديم الدعم للأشقاء الفلسطينيين حتى يقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، والاستمرار بدور الأردن التاريخي في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والرعاية الهاشمية لها، والتصدي لكل محاولات العبث بها أو تهديدها، بالإضافة إلى تعزيز الدور الأردني الرائد في مجال رعاية حوار الأديان والذود عن الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام الحنيف.

دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور،
إنكم إذ تقبلون على هذه المسؤوليات الوطنية الجليلة، فإنكم تمهدون بذلك لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية المفصلية القادمة. وبذلك، فإنكم تباشرون التشاور والاستئناس بآراء مختلف القوى السياسية والوطنية الفاعلة في تشكيلكم للفريق الوزاري، ليكون بمستوى المرحلة الوطنية والتحديات التي نمر بها، متمنيا لكم التوفيق والنجاح في انتظار تنسيبكم لأسماء فريقكم الوزاري ممن سيشاركونكم حمل أمانة المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا العزيز، وستجدون مني كل الدعم والمؤازرة.

عبدالله الثاني ابن الحسين
عمّان في 24 ذو القعدة 1433 هجرية
الموافق 10 تشرين الأول 2012 ميلادية