كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور عدنان بدران


05  نيسان/أبريل 2005
بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزنا دولة الأخ عدنان بدران حفظه الله
تحية عربية هاشمية وبعد

أما وقد حان الاستحقاق والحكومات استمرارية نجد الفرصة سانحة لنعيد التأكيد أن التغيير الحكومي ليس إلا حلقات متواصلة في مسيرة الإنجاز بالتراكم فلكل مرحلة استحقاقاتها ولقد أنجزنا مع الحكومة الأخيرة كما مع الحكومات السابقة الكثير من الإنجازات ولسنا بصدد ذكر ما أنجزناه.

إن رؤيتنا الراسخة تتجذر في التطور الملموس الذي يشهده الأردن الغالي لكن الطموحات تظل اكبر من كل ما أنجزنا، والمهم هو الاستمرار والاستفادة واخذ العبر من تعثر بعض جوانب المسيرة أو التقصير الذي يقع هنا أو هناك ونحن نعيش في واقع إقليمي متأزم وتحيط بنا التحديات العالمية لكننا واثقون من صلابة إرادتنا وقد عقدنا العزم على المضي قدما يحفزنا التزامنا بغد أفضل ومستقبل مشرق لجميع أبنائنا وبناتنا في الأردن العزيز منطلقين من إيماننا بالأردن دائما وأبدا.

ونحن نعتز بكوننا أول من اعتمد وتبنى سياسات الإصلاح واضطلع بدور ريادي في المنطقة فالإصلاح عملية شاملة وطويلة الأمد ونحن مستمرون في رعايتها وإن كنا ندرك تماما أن ثمارها ربما تتأخر لتنضج، إلا أنها آتية بلا ريب رغم إرجاف المشككين والمترددين ان البرنامج الإصلاحي يتطلب مشاركة كافة الشرائح الاجتماعية الأردنية فيه للمساهمة الفعلية والكلية في مجمل تحدياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما أن الإصلاح لا يتحقق إلا عبر التواصل المجدي مع مجلس الأمة وتفعيل مشاركته في الأداء المتوازي مع تحديات الإصلاح التي تشمل التنمية السياسية والإدارية في آن واحد.

إن عزمنا معقود في المرحلة المقبلة على تسريع وتيرة الإصلاح ومأسستها من خلال الأجندة الوطنية التي بدت ملامحها بدقة وشمولية بقدر ما تتطلب مراحلها كلها ودون استثناء لقناعة ومشاركة كل الأردنيين والأردنيات، وبخاصة أن المواطنة ليست علاقة ريعية مع الدولة بل شراكة إنتاجية ومصير واحد وبالتالي لا نجاح إلا بتعميم الجهود وتراكم الإنجازات. ولعل عصب الأجندة الوطنية، وإن بدا بالتبسيط أنه محض اقتصادي، فهو في الجوهر رزمة الإصلاحات كلها دون استثناء، التي تشمل مكافحة الفقر والبطالة وتحسين مستوى المعيشة وتعزيز الدخل.

ولإنجاز ذلك يتحتم تأمين فرص العمل وتعزيز الانتاجية لتحقيق الرفاه والرخاء. لكن القصد ألا يغيب عن البال أن الإصلاح يعني بالضرورة الإصلاحات السياسية والقضائية، كما يعني إصلاح الإعلام وتفعيل حرية التعبير عبر الرأي والرأي الآخر والاستثمار بمواردنا البشرية لان ثروتنا الأهم هي الإنسان الأردني.. الإصلاح يعني تكافؤ الفرص.. يعني التربية والتعليم.. التدريب والتأهيل وربط العلم بالمعرفة والتكنولوجيا وحاجات السوق.. على هذا الأساس نكرر دعوتنا للقطاع الخاص لكي يسمو على تردده ولكي يعزز شراكته الفاعلة مع القطاع العام.

منذ دعوتنا الأولى أنجز القطاع الخاص حركة مباركة، لكن المطلوب أكثر لذا ندعوه للسعي لمواجهة التحدي لأنه ركيزة أساسية في الإصلاح وفي جني ثماره.

ونأمل أن تتبنى الحكومة علاقات متوازية مع القوى السياسية الشاملة للأحزاب ولمؤسسات المجتمع المدني. ولإنجاز ذلك لا بد من الشفافية والمساءلة والمحاسبة بقدر ما يجب على المجتمع الأهلي أن يلتزم بالمشاركة وبالسعي للأهداف نفسها.. كما نعيد تأكيد أهمية إعادة دراسة التقسيمات الإدارية لتحقيق اللامركزية عبر مشاركة الجميع في تحديد الأولويات والمساهمة في اتخاذ القرار وتنفيذه ليس فقط باستراتيجية الحكومة كمساءلة بل عبر التشريع وهو ذراع ضروري للإنجاز العام والشامل.

أما ضمير الأردن فهو دائما التركيز على عمق جذوره العربية الأصيلة.. لذا فإننا نحرص على علاقات بناءة ومتساوية مع كل الدول العربية الشقيقة.. العراق العزيز نبقى دوما سندا له نستمر بدعم شعبه الشقيق في سعيه لتحصين وحدته وسيادته ضمن خياراته المستقلة وعبر الديمقراطية المستلهمة منه واليه.

أما فلسطين العزيزة، فنحن كما كنا دائما مستمرون بدعم الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل حقوقه وإقامة دولته المستقلة وذلك عبر عملية السلام الجدي.. ونؤكد قناعتنا بخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية لأنهما السبيل الأمثل والأكثر موضوعية وجدية للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة دون تنازلات لا على مستوى الكيان ولا على مستقبل الشعب الفلسطيني الشقيق.

ولا تكتمل مسيرة الوطن العزيز إلا بدعم قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية فهي درع الوطن وسياجه وعماد أمنه واستقراره فدعمها ورعايتها هي في راس سلم أولوياتنا الوطنية.

ندعوكم اليوم إلى شرف الخدمة الوطنية عبر تكليفكم لتشكيل حكومة الأردن العتيدة ضمن استمرار الرؤية والالتزام، يعزونا في اختياركم ما تتمتعون به من حكمة ونضج من خبرة ومعرفة وخاصة إيمانكم الصادق بالإصلاح واستعدادكم للتضحية والأداء.

متمنيا لكم التوفيق في اختيار فريق عمل متجانس من الوزراء الأكفياء المؤمنين بالعمل المؤسسي والمستعدين للبذل والعطاء دون تردد أو تراخ أو تراجع أمام الصعوبات والعوائق وليكن الجميع على مستوى تطلعات أردننا الغالي وطموحات شعبنا الأبي الجدير والقدير والله ولي التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبدالله الثاني ابن الحسين