البيان الوزاري لحكومة الدكتور عدنان بدران

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسوله الكريم

محمد بن عبد الله النبي العربي الهاشمي الأمين

وعلى آله وصحبه أجمعين

 

(... وقل رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً)

   صدق الله العظيم

 

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لقد شرفني مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، فمنحني وزملائي ثقته الغالية بتشكيل هذه الحكومة، وأتاح لنا فرصة عزيزة لخدمة شعبنا تحت لوائه، والمساهمة في صنع ازدهار بلدنا تحت رايته، وإنجاز برامج الإصلاح والتحديث في أردننا في ظل دوحته، نستمد القوة من عزيمته، ونستشرف المستقبل من حكمته وبصيرته، ونسعى إلى تفعيل إمكانات مواطنينا استجابة لرؤية جلالته.

وإذ نقف أمامكم في هذا الصرح العتيد، مجلس الأمة، رمز الديمقراطية، وعنوان الشرعية الدستورية، وساحة المشاركة في الرأي والمسؤولية، متقدمين إلى نواب الشـعب ببيـان الحكومـة، طالبيـن ثقتكم على أساسه، مؤكدين التزامنا الدائم برأي الأغلبية، معربين عن استعدادنا الكامل للتعاون الصادق، والتشاور الأمين، والتوافق على ما فيه مصلحة الوطن والمواطن. منطلقين من إيمانٍ راسخ وقناعة كاملة، أن دور الحكومة يتجلى في خدمة الشعب، لا في التحكم به، وفي مواجهة استحقاقات الإصلاح لا في التهرب منها، وفي التشاور مع نواب الأمة، لا في التفرد بالرأي، في تكامل أعمال السلطات الثلاث، لا في تفرقها. وفي تحويل الشعارات إلى واقع عملي ملموس يشعر به المواطن ويتفاعل معه.

فالمسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً، حكومة ونواباً وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني وقطاعاً خاصاً ومواطنين، هي مسؤولية جسيمة. وطموحات سيد البلاد وتطلعاته إلى بناء أردن حديث والانتقال به إلى مصاف الدول المتقدمة، تستحق منا كل التضحية والتقدير، والعمل المتواصل، وتفرض علينا التعاون والتشاور والتآزر، فكلنا فريق واحد، هدفنا واحد، وسعينا واحد، لنحقق آمال شعبنا ونستجيب لاحتياجاته وتطلعاته، ولنبني للأردن مستقبلاً يفخر به الآباء ويعتز به الأبناء، فنكون عندها قد حملنا الأمانة، وأدينا الواجب كما يريد قائد المسيرة، وكما يتوق كل مواطن في هذا البلد العزيز.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

تتولى هذه الحكومة مسؤولية العمل، وهي ترى نفسها كما جاء في كتاب التكليف السامي، حلقة متواصلة في مسيرة الانجاز الوطني، تبني على ما حققته الحكومات السابقة، وتؤسس لما ستقوم به الحكومات اللاحقة، حتى يرتفع البناء ويتعاظم الانجاز ويصل الأردن إلى المستوى الذي يرنو إليه الجميع، من حيث الديمقراطية، والتعددية، واحترام حقوق الإنسان، والحكمانية الرشيدة، والشراكة الفاعلة بين القطاعات الرسمية والخاصة والأهلية، وإلى تحقيق تسارع في معدلات النمو الاقتصادي، والحد من معدلات الفقر والبطالة، وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الدولية، وإطلاق طاقات المجتمع الكامنة نحو مزيد من الإنتاج والإبداع.

ومن هنا فإن موضوع الإصلاح يعتلي سلم الأولويات الوطنية، التي نتحمل مسؤوليتها جميعاً، وننهض بمتطلباتها بروح الفريق الواحد.  والإصلاح الذي ستعمل الحكومة، على تحقيقه، بمؤازرتكم ومشاركتكم كل لا يتجزأ، تتكامل فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية وتلتقي في بوتقة واحدة، ويتناغم فيه إصلاح التعليم مع الإصلاح في الثقافة والإعلام، ويمتد ليشمل القطاعات الأخرى من صناعة وتجارة وزراعة وسياحة وطاقة ونقل ومياه وبيئة وبلديات.

 لقد كان الأردن بقيادته الطموحة، المستشرفة لتغيرات المستقبل؛ المبادر بتبني سياسة الإصلاح منذ سنوات، استجابة لحاجة داخلية وطنية، وقد كان ذلك قبل بدء الدعوات الدولية الجديدة، للسير في هذا الاتجاه، الأمر الذي ساهم في خلق نجاحات متميزة وإنجازات كبيرة. ولهذا فقد عقدت الحكومة العزم على استكمال تنفيذ السياسات والبرامج الإصلاحية، استناداً إلى توجيهات قائد البلاد، وبرنامج الحكومة الذي نضعه اليوم بين أيديكم، ومعطيات الأجندة الوطنية التي ستلعب دوراً رئيساً في تحديد الأولويات التنموية والأهداف الوطنية الإستراتيجية للسنوات العشرة القادمة، وبذا يتحقق الدفع باتجاه تعميق مأسسة عملية الإصلاح، لكي تؤتي ثمارها الطيبة من خلال المشاركة الفاعلة لكافة المؤسسات الوطنية والشرائح الاجتماعية الأردنية.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

أسمحوا لي أن استعرض أمامكم المحاور الرئيسة لبرنامج عمل الحكومة خلال المرحلة المقبلة، في إطار سعينا الدؤوب إلى تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، التي يشكل الإنسان واسطة العقد فيها، فهو محركها وغايتها في ذات الوقت. آخذين بعين الاعتبار أن المواطنة الحقة تشكل جوهر الوحدة الوطنية، وهي ليست علاقة ريعية مع الدولة، أساسها الربح والخسارة الشخصية، وإنما هي الولاء للوطن، والعمل لنهضته وتقدمه.

المحور الأول: تحسين مستوى معيشة المواطن، وزيادة دخله، ومكافحة مشكلتي الفقر والبطالة، من خلال زيادة فرص العمل، وتعزيز الإنتاجية، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار. وستشجع الحكومة التوجه نحو رفع الحد الأدنى للأجور إلى المستوى الذي يحقق التوازن النسبي بين متطلبات الحياة الكريمة للعامل، من جهة، ومقتضيات السوق من جهة أخرى، وقد تم مؤخراًً رفع الحد الأدنى للأجور من (85) ديناراً إلى (95) ديناراً. وفي هذا الإطار ستبذل الحكومة قصارى جهدها لتخفيض معدل البطالة ونسبة الفقر من خلال حزمة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تشجيع المبادرة الفردية وإقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة واستقطاب المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات.

المحور الثاني: إيلاء مدخلات ومخرجات أنظمة التعليم والتدريب كل الاهتمام، وموائمة المخرجات مع متطلبات سوق العمل في الداخل والخارج، والاستثمار في الموارد البشرية من خلال التدريب والتأهيل، وصولاً إلى زيادة الإنتاجية والى تدعيم ركائز مجتمع المعرفة واقتصادياتها.

المحور الثالث: تعزيز تنمية المحافظات والأقاليم، وتأكيد دورها في عملية صنع القرار التنموي، وإطلاق الإبداعات المحلية، والاستفادة من الموارد الطبيعية والمزايا النسبية في كل محافظة. وكذلك إيلاء التقسيمات الإدارية، عناية خاصة، لما لها من أهمية بالغة في مجال الإصلاح، وصولاً إلى تحقيق اللامركزية الإدارية، وتعزيز الإدارة المحلية من خلال تشريعات ناظمة لهذا التوجه، مسترشدة بما تتوصل إليه لجنة الأقاليم.

المحور الرابع: الاهتمام بالوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية، وتعزيز منعتها، كضرورة مطلقة، في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، ولتماس الأردن، بحكم موقعه، بالجبهات الساخنة، مما يجعل الأعباء أكبر والتحديات أشد.  لذلك فإن الحكومة ستعمل على تطوير حالة من التوافق الوطني والتشارك المتكافئ بين الجهات ذات الفعل والتأثير، وفي مقدمة ذلك بناء علاقة مؤسسية راسخة مع مجلسكم الكريم، ومع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، حتى تعكس برامج الإصلاح رؤية الوطن بأكمله. وكل ذلك يصب في تعزيز الهوية الوطنية والتفاعل الإيجابي مع الثقافات والحضارات الأخرى. وستعمل الحكومة على تحقيق العدالة والمساواة في التعيينات في الوظائف العامة، وخاصة العليا منها ضمن معايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق.

المحور الخامس: إثراء التعددية السياسية والفكرية من خلال تعزيز الحريات دون شروطٍ سوى المسؤولية، ودون ضوابطَ سوى الالتزام بالمصلحة الوطنية، ودون سقوف سوى القانون والدستور. فالتعددية السياسية والفكرية والمهنية في نظر الحكومة هي إغناء لآلة الإبداع الوطنية، وفي ذلك تحقيق للبيئة الديمقراطية ونشر لثقافتها. ولدينا إيمان راسخ بأن الحريات لا تؤتى أكلها، ولا تعطي التعددية نتائجها؛ إلا في جو من الديمقراطية المستقرة والحوار المتواصل.

ولقد انتهجت الحكومة، نهج الحوار مع النواب والأعيان والقوى والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات واتحادات، كما عملت على لقاء المواطنين وتلمس مشاكلهم في العديد من المحافظات. وستواصل الحكومة هذا الحوار جزءاً من برنامج عملها، ليس لغايات سياسية فقط، وإنما لغايات الفعل والإدارة وتطوير العمل.

ولقد تم تسجيل مختلف الملاحظات والاقتراحات والتطلعات التي استمعت إليها بإهتمام بالغ، خلال لقاءاتي معكم ومع قيادات الأحزاب السياسية وممثلي المحافظات خلال الفترة الماضية، وتم تضمين الكثير منها في هذا البيان، وستعمل الحكومة على تنفيذ الممكن منها،  حتى لو لم تتم الإشارة إليها صراحة في هذا البيان.

المحور السادس : مكافحة الفساد بكافة أشكاله، وذلك ترجمة لرؤى جلالة الملك المعظم، الذي يدرك بأن الفساد هو إحدى آفات العصر، لا تنحصر مظاهره في بلد معين أو ثقافة ما، وهو في القطاع العام كما في القطاع الخاص، فالمظاهر المختلفة للفساد،  من محسوبية واغتيال للشخصية والواسطة والفساد المالي والإداري والتطاول على المال العام وإفساد الآخرين، كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تبديد الطاقات وتكريس الإحباط وزعزعة ثقة المواطنين بمؤسساتهم، وثقة المستثمرين في مستقبل استثماراتهم، وبالتالي إفشال برامج التنمية وإعاقة مسيرة التقدم. وقد انتهت الحكومة، من إقرار مشروع قانون لإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد يتم تشكيلها بمعرفة السلطات الثلاث، وهو معروض على مجلسكم الكريم بصفة الاستعجال في الدورة الاستثنائية الحالية وستعمل هذه الهيئة ضمن آلية مستقلة محصنة، لوضع وتنفيذ إستراتيجية عامة لمكافحة الفساد والوقاية منه بشكل مؤسسي، وبما يكفل الكشف عن مواطن الفساد والتحري عن جميع القضايا المرتبطة به.

المحور السابع: تعزيز الشراكة بين مختلف القطاعات، حيث أن منظمات المجتمع المدني، وبشكل خاص النقابات المهنية، تتوافر لديها المعرفة والخبرة العملية التي تحتاج إليها الحكومة في تطوير الأفكار ووضع البرامج. ولذا، فقد قامت الحكومة بالتعميم على جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية بضرورة إشراك أعضاء مهنيين من النقابات والجمعيات المهنية في اللجان والهيئات التي يجري تشكيلها.

المحور الثامن: تقديم كل أسباب الدعم لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية بإعتبارها درع الوطن وموضع العز والافتخار، وهي بحرفيتها وإخلاصِها مصدر الثقة للوطن والمواطن. وهي التي تعطي البلاد الشعور بالأمن والأمان، وتجعل من الممكن لنا أن ننصرف إلى أعمالنا بثقة، وهي التي تجعل آمالنا وطموحاتنا في الإصلاح تنبت في أرض آمنة ومطمئنة.

المحور التاسع: النهوض بالقضاء، وتحديثه وصولاً لقضاء يضاهي القضاء في الدول الأكثر تقدماً ويتجاوب مع تغيرات العصر ومتطلباته. ومن هنا، ستعمل الحكومة وفق برنامج موضوعي محدد  على تعزيز استقلالية القضاء، وحوسبة المحاكم واستكمال منظومة قواعد السلوك القضائي، ومتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر الإدارة الرشيدة لخدمة التنمية في الدول العربية، الذي أسند للأردن فيه قيادة محور التطوير القضائي. هذا إلى جانب تطوير نظام المعهد القضائي، وتكثيف البرامج التدريبية والتأهيلية للعاملين في هذا الجهاز، واستكمال مشاريع قصور العدل في محافظات البلقاء، وإربد، والكرك.

ا لمحور العاشر: تعزيز الاعتماد على الذات، وتقليص الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية، من خلال تنمية الإيرادات المحلية وترشيد وتحسين كفاءة الإنفاق العام، وإعادة هيكلة الموازنة العامة لتصبح أكثر مرونة في استجابتها للمتغيرات الاقتصادية، وأكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية المحتملة.

المحور الحادي عشر: مواصلة العمل على تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وذلك من خلال تحديث التشريعات الاستثمارية وتوحيد المؤسسات العاملة في هذا المجال لتعمل تحت مظلة واحدة، بما يضمن تجنب الازدواجية وتبعثر الجهود وتسهيل الإجراءات اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية بتفعيل النافدة الاستثمارية. وكذلك تفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية، بما يضمن حفظ حقوق المستثمرين، إضافة إلى توفير القوى العاملة المؤهلة والمدربة لتلبية احتياجات المشاريع الاستثمارية من الكفاءات المتميزة.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

 تنظر الحكومة إلى التنمية السياسية باعتبارها العملية المتواصلة التي ستطلق العنان للحراك السياسي، الذي يشارك فيه الأردنيون والأردنيات، بكل الضمانات التي يعطيها القانون، وبذلك نبني القواعد التي تقوم عليها حياتنا السياسية القادمة. مؤكدين على أهمية الارتكاز إلى الدستور الأردني، نصاً وروحاً، وتحديث القوانين والتشريعات، وفي مقدمتها قانونا الأحزاب والانتخابات، اللذان يجري إعدادهما للنهوض بالعمل السياسي، وتفعيل دور الأحزاب باعتبارها المؤسسات الطبيعية للعمل السياسي، وتوسيع نطاق مشاركتها في صنع القرار.

كما نتطلع إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في كافة الميادين، وتوظيف طاقـات الشـباب من أجل خدمة الوطن، عن طريق تأهيلهم وإشراكهم في شتى حقول العمـل العام، وتمكين الطلبة من انتخاب ممثليهم بحرية.

وستبذل الحكومة قصارى جهدها لتشجيع جميع فئات المجتمع على الحراك السياسي والاقتصادي والمهني بمن فيهم المتقاعدون العسكريون والمدنيون الذين يملكون من الخبرة والمعرفة ما يؤهلهم للمساهمة في إثراء هذه المسيرة.

وفي هذا السياق تؤكد الحكومة أن التنمية السياسية ستتواكب مع نظيراتها الاقتصادية والإدارية والثقافية والاجتماعية، وستكون داعمة لها ومنسجمة معها، في إطار التنمية المستدامة التي أضحت مطلباً أردنياً ملحاً لا سبيل إلى تأجيله أو التردد في العمل على تحقيقه.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال إدارة وتطوير القطاع العام، فقد شرعت الحكومة بتنفيذ برنامج طموح ومتعدد الجوانب يهدف إلى المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، واستخدام الموارد المتاحة، البشرية منها والمادية والمالية بكفاءة وفاعلية، وصولاً إلى خلق البيئة الاستثمارية المناسبة، وتحسين نوعية حياة المواطن، من خلال تطوير الآليات التي ترسخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وتحول دون الفساد المالي والإداري وآفة المحسوبية.

وعلى ضوء ذلك، فإن الحكومة ستتعامل مع تطوير القطاع العام من خلال العمل على رفع نوعية الخدمات الحكومية، وتلبية حاجات وتطلعات المواطنين، ومتلقي الخدمة، ووضع معايير للخدمات الحكومية التي تقدمها المؤسسات العامة ونشرها ومتابعتها ومراقبتها لقياس مستوى أدائها. كما ستعمل الحكومة على تحديث المعايير الخاصة بالتعيين والتوظيف والترفيع على أسس الجدارة والاستحقاق والامتحانات التنافسية، واستخدام الأنظمة المحوسبة، وتبسيط الإجراءات وتوثيقها، وتحييد العوامل الشخصية فيها. كما ستعمل الحكومة على إعداد نظام جديد للخدمة المدنية يعكس الاتجاهات الحديثة في إدارة وتنمية الموارد البشرية، ويؤكد على الاستثمار في التدريب والتطوير وبناء القدرات المؤسسية.

كما تؤكد الحكومة على عزمها لتعزيز دور ديوان المحاسبة في مراقبة الإجراءات المالية والإدارية في المؤسسات العامة واحترام توصياته والعمل بموجبها.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال المالية العامة، وإنطلاقاً من التزام الحكومة بمبادئ الشفافية والحكمانية الرشيدة، أرجو أن أبين لمجلسكم الكريم، أنه وعلى الرغم من الأداء الجيد للاقتصاد الأردني خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من تحقيقه نمواً بلغت نسبته (7.7%) بالأسعار الثابتة في العام الماضي، إلا أن وضع الموازنة العامة في العام الحالي يتطلب جهوداً كبيرة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الذي حققناه بعد مسيرة شاقة من التصحيح الاقتصادي خلال ما يقارب العقدين من الزمن.

إن الصعوبات المالية الحالية لن تقتصر آثارها على هذا العام فحسب، بل من المتوقع أن تتجاوزه إلى الأعوام القادمة. إذا لم تتخذ الاجراءات التصحيحية اللازمة، الأمر الذي يتطلب منا جميعاً، حكومة ونواباً ومؤسسات مجتمع مدني ومواطنين، كُل في موقعه، تحمل المسؤولية والمساهمة في ايجاد البدائل والحلول والمساعدة على تطبيقها. إذ أن ترحيل المشكلة إلى سنوات قادمة سيزيد الأمور تعقيداً. وهذا يؤكد على

أهمية الدخول في الحلول الجذرية وعلى مراحل مدروسة ومتوافق عليها للحفاظ على بيئة إقتصادية مستقرة.

وضمن هذا الإطار، فقد باشرت الحكومة فعلاً بتنفيذ برنامج إصلاح ذاتي يتضمن منظومة من الإجراءات التقشفية تهدف إلى تخفيض النفقات الجارية الاستهلاكية بمقدار (20%)0 وتتضمن هذه الإجراءات الحد من سفر الوزراء ورؤساء الهيئات والمفوضين، إلا للضرورة القصوى وبأقل عدد ممكن ولأقصر فترة زمنية. وكذلك تحديد عدد السيارات في كل وزارة وللاستعمال الرسمي فقط، والتخلص من السيارات ذات الاستهلاك العالي للوقود والحد من مصاريف المؤتمرات والضيافة.

كما ستعمل الحكومة أيضاً على إعادة هيكلة النفقات العامة وتحسين كفاءتها، وإجراء مراجعة دورية لها، بما في ذلك الدعم لبعض السلع، والضبط الحازم لإنفاق الدوائر والمؤسسات العامة. وقد شرعت الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية تدريجياً وفق برنامج زمني محدد، ينتهي بتحرير سوق المحروقات خلال الأعوام 2005 و2006 و2007. ومن الجدير ذكره أن الدراسات التي أجريت لتحديد الفئات الأكثر استفادة من الدعم الحكومي هي الفئات ذات الدخول المرتفعة بإعتبارهم الأكثر إستخداماً للمحروقات.

وتؤكد الحكومة أنها قد قامت بدراسة جميع البدائل للحد من أثر ارتفاع أسعار النفط العالمية، والذي وصل إلى (60) دولاراً للبرميل، وانحسار المنح النفطية، فلم تجد بداً من رفع الدعم تدريجياً، وعلى ثلاث مراحل بدءاً من العام الحالي.  

وحرصاً على مصالح الفئات الأقل دخلاً فقد بدأت الحكومة بتبنى حزمة من الإجراءات للحد من الآثار السلبية التي قد تلحق بشريحة ذوي الدخل المتدني. كان منها منح زيادة مقدارها (10) دنانير لمن تقل رواتبهم عن (100) دينار وزيادة مقدارها (5) دنانير لمن تزيد رواتبهم عن (100) دينار وتقل عن (300) دينار. هذا إلى جانب زيادة الدعم المقدم إلى صندوق المعونة الوطنية وتخفيض أسعار الطحين تفادياً لارتفاع الخبز والذي تستهلكه القطاعات الواسعة من المواطنين0 كما لم تقم الحكومة برفع تعرفة الكهرباء على المستهلكين المنزليين الذين يقل استهلاكهم
عن (160) كيلوواط.ساعة شهرياً، وهؤلاء يمثلون ما نسبته 41% من المستهلكين المنزليين.

واستجابة لتوجيهات جلالة الملك المعظم، فستعمل الحكومة على تخصيص جزء من أسهمها وحصصها في الشركات التي تتم خصخصتها لصالح المنتسبين للقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية العاملين منهم والمتقاعدين. وستسعى الحكومة  إلى توسيع قاعدة المستفيدين من شراء الأسهم لتشمل العاملين في هذه الشركات وصغار المدخرين من موظفين وسواهم من شرائح المجتمع في مختلف المحافظات، مما سيؤدي إلى بناء الثروة الفردية باعتبارها أساس الثروة الوطنية، وإلى توسيع قاعدة الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني، وتقليص حجم الشرائح ذات الدخل المتدني، وستتعاون الحكومة مع الجهاز المصرفي في تطوير الأدوات اللازمة لهذه الغاية.

كما وتلتزم الحكومة بوضع منظومة متكاملة من الخطط والبرامج للتعامل مع اعباء الدين الخارجي ومدفوعات التقاعد وترتيب أولويات الإنفاق بما يعكس الإحتياجات الفعلية للإقتصاد الوطني، واستكمال تنفيذ برنامج التخاصية.

أما على صعيد الإيرادات العامة، فإن إستراتيجية الحكومة تتضمن برامج واضحة، لتعزيز الاعتماد على الإيرادات المحلية، وتنميتها بصورة ملموسة لتساهم في تغطية النفقات الجارية وجزء كبير من النفقات الرأسمالية، وهذا يستدعي، بطبيعة الحال، تحسين كفاءة التحصيل الضريبي مع مكافحة التهرب الضريبي وتبسيط الإجراءات وزيادة شفافيتها.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال التخطيط والتعاون الدولي، فعلى الرغم من أن زيادة الاعتماد على الذات تقع في مركز التوجه الحكومي، إلا أن السعي لتوفير جزء من التمويل اللازم للمشاريع من خلال المنح والمساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية والدول المانحة أمر لا غنى عنه في هذه المرحلة. ومن المتوقع أن تلتزم الجهات المانحة ومؤسسات التمويل الدولية بتقديم منح قد تصل قيمتها إلى (597) مليون دولار، بينما قد تصل القروض التي سيتم الاتفاق عليها إلى (277) مليون دولار.

وسيتم تخصيص تلك المساعدات والقروض لتنفيذ مشاريع حيوية ذات أولوية في كافة القطاعات والمحافظات. كما ستواصل الحكومة عملها في تكثيف الجهود والإتصالات مع مختلف الجهات الدولية المانحة، لحشد أكبر قدر ممكن من المساعدات لتمويل المشاريع ذات الأولوية، بالإضافة إلى البحث عن مصادر تمويلية جديدة، والعمل على تعظيم الاستفادة من المبادرات والمشاريع الإقليمية.

وفي مجال التنمية المحلية تسعى الحكومة لتطبيق نهج جديد للتخطيط والعمل التنموي مبني على القناعة بأن التنمية المحلية هي جهد تشاركي موجه لحشد جهود المجتمع بكافة فعالياته وتحفيز طاقاته الكامنة وغير المستغلة لخلق حياة أفضل للمواطنين.

وحيث أن الضمان الأكبر لنجاح وديمومة هذا التوجه هو إعطاؤه الصبغة المؤسسية فقد باشرت الحكومة بتنفيذ جملة من البرامج والمشاريع التي من شأنها التصدي للصعوبات والتحديات السابقة تمثلت بتنفيذ برامج متكاملة لبناء القدرات المؤسسية في المحافظات في مجال إدارة التنمية المحلية.

أما في قطاع التعاونيات، ونظراً لما يواجهه هذا القطاع من تحديات حالت دون قيامه بدوره التنموي بالمستوى المطلوب، فقد بدأت الحكومة بالعمل على دراسة  هيكلة القطاع التعاوني، حيث تم البدء بمراجعة الملامح الرئيسة لحزمة التشريعات الناظمة لعمل هذا القطاع، لضمان استقلاليته والحد من التدخل الحكومي فيه. كما تتجه النية إلى إعداداستراتيجية لقطاع التعاونيات للفترة 2006 – 2010.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الصناعة والتجارة، ستعمل الحكومة وبالتشاور الفاعل والبناء والمؤسسي مع القطاع الخاص على وضع سياسات متكاملة للتجارة والصناعة والاستثمار، وعلى توفير الامكانات اللازمة لتنفيذ هذه السياسات على أرض الواقع.

        إن المبدأ العام الذي ننطلق منه هو أننا دولة ذات موارد طبيعية محدودة، ولكننا، وعلى الرغم من ذلك، نستطيع من خلال الإرادة الثابتة والعمل المؤسسي المنظم أن نلج أسواق العالم، وأن نجعل من الأردن مركزاً تجارياً وصناعياً واستثمارياً متطوراً ومنافساً يحتل موقعاً متقدماً بين دول المنطقة.

ففي محور التجارة، ستعمل الحكومة على تحرير التجارة استراتيجياً بشكل يمكن المنتجين والمستثمرين الأردنيين من ولوج الأسواق التقليدية وغير التقليدية، مستفيدين بذلك من الاتفاقيات القائمة في فتح الأبواب أمام المنتجات السلعية والخدمية الوطنية. وستعمل الحكومة على الحد من المعيقات أمام الصادرات الأردنية، من خلال تبسيط قواعد المنشأ للسلع الأردنية، وتسريع إعفاءها من القيود الجمركية في الأسواق الأجنبية، وتمكينها من التغلب على المعيقات الفنية لدخول الأسواق العربية والعالمية.

وفي محور الصناعة، ستعمل الحكومة على تعظيم حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي والصادرات الوطنية، وستكون الحكومة هي الداعم الأكبر لجهود تحسين جودة المنتجات الأردنية لتنافس عالمياً. وستدعم الحكومة من خلال برنامج تحديث وتطوير الصناعة الوطنية المنتجات مباشرة، وتمدها بالمساعدات الفنية وغيرها. وستقوم الحكومة ومن خلال مؤسسة المشاريع الاقتصادية على دعم وتسهيل دخول هذه المنتجات إلى الأسواق الإقليمية والعالمية وذلك بتوفير الدراسات التسويقية للمصدرين واستهداف الأسواق والمستوردين والمشاركة في المعارض المتخصصة. وستعمل الحكومة على اعفاء مدخلات ومستلزمات الإنتاج للصناعات الأردنية من الرسوم والجمارك حتى تكون أكثر قدرة على التنافس في السوق المحلي والدولي، إلى جانب إزالة الفوارق بين المناطق الصناعية المختلفة بحيث يتحول الأردن بكامله إلى منطقة صناعية حرة واحدة تمثل بيئة استثمارية جاذبة لجميع المستثمرين.

وفي محور الاستثمار، ستقوم الحكومة بدعم وتوحيد الجهود الرامية لتشجيع وترويج الاستثمار، مع المحافظة على المكاسب المتحققة في مجال توظيف العمالة ورأس المال. كما ستركز الحكومة، ومن خلال تأسيس مكاتب تمثيل لمؤسسة تشجيع الاستثمار خارج الأردن، على جذب المزيد من الاستثمارات.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الزراعة، يعتبر القطاع الزراعي من القطاعات الهامة التي يمكن أن تسهم في توفير فرص العمل ودفع عجلة النشاط الاقتصادي، وتمثل مدخلاً هاماً لتحقيق التوازن التنموي والبيئي في أرجاء الوطن. وحيث أن العاملين في هذا القطاع يشكلون ما نسبته (9ر3%) فقط من القوى العاملة، فإن الحكومة ستنتهج سياسة تعمل على إعادة الاعتبار للزراعة كقيمة اجتماعية تستحق الاحترام، ومن هنا، سيتم التركيز على مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص ووضع البرامج الإصلاحية التي من شأنها أن تجعل من قطاع الزراعة قطاعاً جاذباً للاستثمار، وذلك بعد مراجعة العوامل المؤثرة بكلفة الانتاج الزراعي، والعمل على زيادة الجدوى الاقتصادية للاستثمار الزراعي، وتعزيز فرص منافسة منتجات هذا القطاع في الأسواق الإقليمية والعالمية، وحماية منتجاته من الأسعار والسياسات الإغراقية.

كما ستعمد الحكومة أيضاً إلى تنفيذ برنامج محدد للنهوض بالمختبرات والأجهزة الرقابية، وتطوير "المركز الوطني للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا" ليصبح مركزاً متكاملاً للبحث التطبيقي والتطوير التكنولوجي الزراعي.

وستعمل الحكومة على تطوير مؤسسة الإقراض الزراعي، وتوسيع قاعدة الإقراض لصغار المزارعين، وتحسين كفاءة تسديد القروض. والربط بين أنواع المياه وأنواع المحاصيل والتوجه نحو إقامة مشاريع ريادية لاستغلال المياه شبه المالحة والمياه المستصلحة في الإنتاج الزراعي، مع التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية والاستهلاك المائي المتدني.

وستعمل الحكومة على تطوير الإرشاد الزراعي وإعادة هيكلته ليتمتع بقدرة كافية على تقديم الخدمات المتطورة للمزارعين في مواقعهم في مختلف محافظات المملكة.

وستعمل الحكومة جاهدة للحفاظ على الثروة الحرجية والحد من الرعي الجائر، إلى جانب وضع برنامج وطني لتخضير الأردن يقوم على تكثيف التحريج السنوي، وتنفيذ الحزام الأخضر لطرق المملكة وتخضير المساحات القاحلة داخل المدن.

وستعمل الحكومة على إنشاء "صندوق التأمين الزراعي" لمواجهة الكوارث الزراعية، ولتحويل العمل في مواجهة الظروف الطارئة إلى حالة مؤسسية دائمة. وذلك استجابة لطلب مجلسكم الموقر، حيث يجري العمل الآن، وبمشاركة القطاع الخاص  ومؤسسات المجتمع المدني وهيئة تنظيم قطاع التأمين واتحاد شركات التأمين، على وضع الآليات التي سيقوم عليها الصندوق.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال المياه والري، فإنه على الرغم من الإنجازات التي حققها قطاع المياه والري، إلا أن هذا القطاع لا زال يواجه العديد من التحديات الكبرى المتمثلة بشح مصادر المياه، وتراجع المخزون المائي جراء الاستنزاف الجائر لها، وحالة الجفاف العامة المتأثرة بالتصحر والاحتباس الحراري. ومن هنا فإن الحكومة تلتزم بتنفيذ إستراتيجية مائية متوسطة وبعيدة المدى تقوم على المباشرة بتنفيذ منظومة من المشاريع الكبرى، ومنها مشروع مياه الديسي، ومشروع قناة البحر الأحمر ـ البحر الميت، وذلك بعد أن اتفقت الأطراف ذات العلاقة على وثيقة الشروط المرجعية لاعداد دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع، ومشـروع الحصـاد المائي، ومشروع سد كفرنجة، واستكمال مشروع سد الوحدة، ومشروع تحويلة نهر الأردن/ سد الكرامة، وسد حسبان، وتنفيذ مشروع التحري عن المياه العميقة، والذي يتناول المياه بعيدة العمق في مختلف الأحواض المائية في المملكة، لمعرفة كمياتها على مدى السنوات الخمس القادمة، وإمكانية استخراجها والجدوى الاقتصادية لذلك.

الى جانب التأكيد على حقوق المملكة في الموارد المائية المشتركة، والتنسيق بخصوصها مع دول الجوار، وإجراء الدراسات حول الأحواض المائية المشتركة وتطوير إدارة مرافق المياه وتحسين الشبكات، وتقليل الفاقد ليصبح ضمن المعايير الدولية، وتشجيع استخدام أنظمة حفظ المياه وترشيد استهلاكها لكافة الاستخدامات وإنشاء مركز لتكنولوجيا تدوير المياه حتى يمكن إعادة استعمالها في الصناعة والزراعة حسب المعايير والمواصفات العالمية، وتطوير ومتابعة ومراقبة جميع مشاريع الصرف الصحي، وتوسعة وتأهيل البعض منها.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الطاقة، فإن توفير الطاقة بالكميات والنوعيات والمواصفات والتكاليف التي تتناسب مع الإمكانات الاقتصادية، أصبح من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، في ظل تضاعف أسعار النفط خلال السنتين الماضيتين، وخصوصاً في الفترة الأخيرة حيث تعدى سعر برميل النفط حاجز الـ (55) دولاراً. وعليه فإن الحكومة قد عقدت العزم على تنفيذ إستراتيجية وطنية محكمة للطاقة، من شأنها أن تمكن الاقتصاد الوطني من مواجهة هذه التحديات الصعبة. وتقوم هذه الإستراتيجية على تقليل الاعتماد على النفط الخام المستورد من خلال التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في قطاعات الكهرباء والصناعة والنقل باعتباره أقل كلفة وأقل ضرراً بالبيئة، وإزالة الدعم تدريجياً عن المشتقات النفطية وتطبيق معادلات سعرية عادلة تعكس الكلفة الحقيقية، وإعادة هيكلة قطاع المشتقات النفطية قبل انتهاء عقد امتياز شركة مصفاة البترول عام 2008، وفتح باب الاستثمار للقطاع الخاص على أسس تنافسية، والتوسع في تطبيق برامج حفظ الطاقة لجميع المستهلكين، وتطوير التكنولوجيا الخاصة بذلك، وخاصة في الاستهلاك الصناعي والمنزلي والتجاري، وتشجيع قيام المؤسسات والشركات العاملة في حفظ الطاقة.

كما ستعمل الحكومة على إستكمال بناء محطة توليد الكهرباء في منطقة الخربة السمراء وبقدرة (300) ميغا واط لتعمل بالغاز الطبيعي، وإتاحة المجال أمام القطاع الخاص لتنفيذ مشروع بناء محطة توليد الكهرباء بقدرة تصل الى (400) ميغا واط في جنوب شرق عمان، باستخدام الغاز الطبيعي أيضاً وبطريقة (البناء والتشغيل والتمليك).

وستعمل الحكومة على التوسع في الاستفادة من مشاريع الربط الكهربائي مع الدول المجاورة والتوجه نحو إقامة مشاريع مشتركة لأنابيب نقل النفط والغاز وتكثيف الجهود في البحث والتنقيب عن النفط والغاز من خلال تسويق المناطق الاستكشافية وعددها (7) مناطق في مختلف أنحاء المملكة، وحيث يجري حالياً التباحث مع عدد من الشركات العالمية للاستثمار في هذا المجال.

إلى جانب ذلك فقد بدأت الحكومة بدراسة إمكانية تنفيذ مشروع وطني بعيد المدى للصخر الزيتي محكم التأسيس بحيث يتيح الفرصة للمملكة للتمكن من استخدام التكنولوجيا اللازمة، تمهيداً لاستغلال خامات الصخر الزيتي المتوافرة في البلاد بكميات كبيرة ونوعيات جيدة، ودعوة الشركات المتخصصة لبناء مشاريع تجريبية وانتاجية.

كما وستتم إعادة هيكلة سلطة المصادر الطبيعية بما يتلائم مع التوجه المؤسسي الجديد في التنقيب عن المعادن واستغلالها، وبما يضمن تقوية دورها في تطوير وإيجاد فرص استثمارية جاذبة للقطاع الخاص الوطني والدولي.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال حماية البيئة، فإن الترابط الوثيق بين البيئة والتنمية المستدامة يتطلب إعداد برامج وطنية تحقق التوازن البيئي، ومن هنا فإن الحكومة ستعمل على بناء قدرات مؤسسات القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني في الحفاظ على البيئة والالتزام بسلامتها، والمساعدة في تطوير الصناعات الأردنية باتجاه استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة، وفقاً للأسس والمعايير البيئية الناجعة، والاستمرار في تنفيذ المشروع الوطني لمراقبة نوعية المياه والهواء، والحد من التلوث، ووضع برنامج عاجل لمعالجة المشكلات البيئية المزمنة في بعض المواقع في المدن وحولها.

هذا بالإضافة إلى تقديم الدعم والتشجيع لمنظمات المجتمع المدني العاملة في حماية البيئة والطبيعة لتوسيع أعمالها لتشمل جميع المحافظات، وتنويع هذه النشاطات لتغطي الأبعاد البيئية المختلفة، وإدخال المفاهيم البيئية ضمن الاستراتيجيات والخطط الوطنية وفي الثقافة والإعلام، والقيام بدراسات لتقييم الأثر البيئي للمشاريع التنموية المختلفة وتنفيذ برنامج لإعادة تأهيل سيل الزرقاء بحيث تصل المياه إلى سد الملك طلال خالية من التلوث.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال السياحة والآثار، تشكل السياحة أحد المكونات الرئيسية في الاقتصاد الوطني وتصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي (9.5%)، وتدل جميع المؤشرات على امكانات واعدة للسياحة الأردنية، فقد أطلقت الحكومة استراتيجية وطنية لحماية الآثار وتوثيق المعالم الأثرية والحفاظ عليها. كما تسعى الحكومة إلى تطوير صناعة السياحة لتصبح في مستوى نوعي متقدم، وموقع تنافسي أفضل إزاء الدول الأخرى في المنطقة، وسيكون ذلك في إطار الإستراتيجية الوطنية للسياحة  للأعوام 2004 – 2010، التي بدأت الحكومة بتنفيذها، ليصل المنتج السياحي الأردني إلى ضعف حجمه الحالي وإلى المكانة المتميزة التي تليق بإمكانات بلدنا السياحية، سواء من حيث السياحة الدينية أو الثقافية أو البيئية، ولتعظيم العوائد الاقتصادية لهذا القطاع، وتوزيع مكاسب التنمية في المحافظات.

ومن هنا، فستعمل الحكومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الشراكة القائمة بين القطاعين العام والخاص في الاستثمار السياحي، وفتح باب الاستثمار لرؤوس الأموال الوطنية والعربية، ومواصلة تطوير البنية التحتية لخدمة المرافق السياحية ولتهيئة البيئة المناسبة للقطاع الخاص لإقامة المشاريع والخدمات والمنشآت السياحية اللازمة وخاصة في المحافظات، وتطوير معاهد وكليات الفندقة والسياحة والانتقال إلى برامج تأهيل متطورة تضمن رفع نوعية التعليم والتدريب السياحي. ومن شأن ذلك كله زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير الآف من فرص العمل الجديدة.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال التربية والتعليم، فقد حقق الأردن انجازات كمية ونوعية وضعت النظام التربوي في المملكة في مكانة متقدمة دولياً، فقد جاء أداء طلبتنا في العلوم أعلى من المتوسط العالمي، واحتل الأردن المرتبة الأولى بين البلدان العربية، والمرتبة الثانية في الرياضيات. وفي مؤشرات التقدم نحو تحقيق "التعليم للجميع" احتل الأردن المرتبة الأولى عربياً.

وستعمل الحكومة على تطوير السياسات التربوية من خلال بناء نظام متكامل لدعم القرار التربوي وترشيده، والتوسع التدريجي في التحول إلى اللامركزية. كما ستعمل الحكومة على إستكمال حوسبة المدارس وربطها على شبكة الانترنت لايصال المحتوى الالكتروني للمواد التعليمية اليها مع نهاية هذا العام. كما ستعمل الحكومة على خفض الأمية إلى النصف بحلول عام 2015 لتصل الى (0ر4%)0

وفي مجال العناية بالطلبة الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة، ستعمل الحكومة على التوسع في الانماط المختلفة لبرامج رعاية الموهوبين، وذلك بانشاء ثلاث مدارس من مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز سنوياً خلال السنوات الثلاث القادمة لتعم خدماتها جميع محافظات المملكة. كما ستعمل الحكومة على التوسع في إنشاء رياض الأطفال وخاصة في المدارس القائمة في المناطق النائية والفقيرة، كما ستعمل الحكومة على بناء (192) مدرسة جديدة، وزيادة الغرف الصفية بما مقداره (1000) غرفة صفية.

وفي مجال رعاية الطلبة، فإن الحكومة ستعمل على التوسع في مشروع التغذية المدرسية ليشمل مع مطلع العام القادم، (120) ألف طالب وطالبة في الصفوف الأساسية الستة الأولى في المناطق الفقيرة، على أن يشمل جميع طلبة المدارس في هذه الصفوف خلال السنوات الثلاثة القادمة.

وفي مجال التعليم المهني، فستقوم الحكومة بمراجعة برامج التعليم المهني ودراسة فعاليتها وارتباطها باحتياجات سوق العمل، ليصار إلى إعادة تنظيمها، وليتم التركيز على مهارات التشغيل الذاتي.

وفي مجال البعثات الدراسية، فستقوم الحكومة على ابتعاث الطلبة لدراسة التخصصات التي تحتاجها محافظات المملكة ليصار الى تعيينهم كمعلمين فيها، حيث سيتم إيفاد ما مجموعه (300) طالب وطالبة إلى الجامعات الأردنية خلال هذا العام.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال التعليم العالي والبحث العلمي، فإن عنوان المرحلة القادمة سيكون  التعليم النوعي والبحث والتطوير التكنولوجي المرتبط بالانتاج وباحتياجات المجتمع وتحسين مخرجات التعليم. ومن هنا سيتم إنشاء هيئة الإعتماد الأردنية، كهيئة مستقلة تمارس تطبيق معايير الإعتماد الدولية على جميع الجامعات الرسمية والخاصة.

ولقد فرغت الحكومة من وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي في المملكة خلال السنوات الخمسة القادمة، والتي تتضمن عدداً من المحاور، من أبرزها تعزيز القدرة التنافسية للجامعات الأردنية، وإعادة هيكلة قطاع التعليم العالي حتى يصبح أكثر مرونة وتجاوباً مع المتغيرات الدولية، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في إدارة قطاع التعليم العالي، ومراجعة التشريعات المنظمة لعمل مؤسسات التعليم العالي بما يضمن حسن أدائها وإستقلالها.

كما ستعمل الحكومة على رفع رأس مال صندوق الطالب، الذي تم إنشاؤه لتمكين الطلبة من تحصيل تعليمهم، ليصل تدريجياً إلى (50) مليون دينار، بحلول عام 2010.

كما ستعمل الحكومة على تنمية جامعة الطفيلة التكنولوجية، بعد إعطائها شخصيتها الإعتبارية، لتصبح قادرة على استقبال الأفواج الأولى من طلبتها مع بداية العام الجامعي 2005/2006. إضافة إلى تكثيف الجهود للربط ما بين التعليم والصناعة، والإسراع في الإجراءات الكفيلة بالبدء بالتدريس في الجامعة الألمانية الأردنية التي ستباشر عملها في موقع مؤقت مع بداية العام الجامعي القادم، لحين استكمال انشاءاتها في موقعها الدائم في مادبا.

        كما ستستمر الحكومة في دعم مشروع السنكترون كمركز علمي متميز على النطاق الدولي ليشكل نقطة بحث متطور في أرقى العلوم كالتقنيات الحيوية وعلوم المواد.

وترى الحكومة أن وجود جامعات في المحافظات من شأنه أن يساعد على تطوير امكانات واقتصاديات تلك المحافظات. ولهذا فقد تم تشكيل لجنة لدراسة إنشاء جامعة رسمية في محافظة عجلون، تخدم محافظتي عجلون وجرش، وذلك لتنمية الكوادر التطبيقية التي يحتاجها إقليم جرش - عجلون السياحي في السياحة والفندقة والزراعة وإدارة الأعمال

كما سيتم إنشاء صندوق خاص لدعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وسيتم العمل على تغذية مخصصاته من نسبة الـ (1%) من أرباح الشركات إلى جانب التوجيه بحسن استخدام مخصصات البحث العلمي في الجامعات والبالغة 5% من ميزانيتها التشغيلية.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الثقافة، إن الثقافة الأصيلة المتجددة المتواصلة مع العصر المتفاعلة مع التقدم، هي روح الامة وحاضنة هويتها وعنوان نهضتها.     ومن هنا، تسعى الحكومة إلى توفير البيئة التشريعية والإدارية التي تولد حراكاً ثقافياً وطنياً، يتحمل مسؤولية النهوض بفكر وثقافة المجتمع. وفي هذا المجال ستعمل الحكومة على إعادة هيكلة قطاع الثقافة، وإنشاء "مجلس وطني للثقافة والفنون"، يتولى وضع الاستراتيجيات الثقافية والفنية في المملكة، في حين تقوم وزارة الثقافة بتنفيذ البرامج والسياسات.

كما سيتم إعادة فتح مديريات الثقافة في المحافظات، وتوفير ما تتطلبه التنمية الثقافية من موارد ومرافق. إلى جانب إنشاء مركز ثقافي شامل في كل محافظة على مدى السنوات الخمس القادمة.  وتشجيع البلديات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على المساهمة في دعم وتمويل العمل الثقافي.

وستعمل الحكومة على تنفيذ برنامج متكامل للثقافة المجتمعية يقوم على ثوابت الأمة وينفتح على العصر، ويسهم في نشر مفاهيم وقيم المواطنة والديمقراطية وحب العمل والريادة والجرأة لدى الشباب.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال العمل، فإن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب وجود قوى وطنية مدربة، متنوعة المهارات وذات إنتاجية عالية، تسهم في تعزيز القدرة التنافسية، وفي الوقت ذاته فإن من حق هذه القوى التمتع بحقوقها المادية والمعنوية.

ومن هنا فإن الحكومة ملتزمة بمراجعة وتحديث قانون العمل بمشاركة أطراف الانتاج، حتى تنسجم تشريعات العمل مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، وبما يحفظ للأردن مكانته التنافسية في جذب الاستثمارات، وستعمل الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات التأهيل والتدريب على إعادة التأهيل عالي النوعية لتوليد فرص عمل جديدة، ووضع قاعدة بيانات وطنية للتعرف على احتياجات سوق العمل، والتأكيد على مواءمة مخرجات التعليم العالي والتدريب المهني مع فرص العمل المتاحة والمستقبلية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المولدة لفرص العمل في مختلف المحافظات، وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل مزيد من العمالة الأردنية داخل وخارج المملكة، وتوسيع قاعدة المشتركين في الضمان الاجتماعي، وتحسين استثمار موارد مؤسسة الضمان الاجتماعي وتطوير إدارة محفظتها المالية، وتنظيم سوق العمالة الوافدة بغية الإحلال التدريجي لها بعمالة أردنية.

كما ستعمل الحكومة على دعم البرامج التي تستهدف الحد من عمالة الأطفال من خلال إعادتهم الى مقاعد الدراسة أو تأهيلهم مهنياً وفق قدراتهم الجسدية والنفسية، وبما يتلائم واحتياجات سوق العمل. وستقوم الحكومة بدعم أسر الأطفال العاملين المحتاجين أثناء عملية إعادة التأهيل بالتنسيق مع الجهات المعنية.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الشؤون البلدية، تتطلع الحكومة الى البلديات باعتبارها وحدات إدارية وخدمية وتنموية يشارك  فيها المجتمع المحلي بإدارة شؤونه وتنمية موارده من خلال مجالس بلدية قوية وفاعلة ومنتجة. ومن هنا فإن الحكومة عازمة على السير في تطوير البلديات وإجراء الانتخابات البلدية بكفاءة، حال إقرار قانون البلديات، والذي يتضمن تعزيز مبدأ اللامركزية وتفويض الصلاحيات. وسيجري العمل على تطوير المهارات الفنية والإدارية للكوادر العاملة في البلديات، وتنمية المهارات القيادية لرؤساء البلديات وتوفير التأهيل والتدريب الحديث لكوادرها.

كما ستشجع الحكومة البلديات على تحديث استعمالات الأراضي في إطار النمو المتسارع الذي تشهده مدن المملكة، واعتماد أساليب التخطيط الشمولي لإستعمالات الأراضي والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة وعدم الإجحاف بالأراضي الزراعية أو المواقع السياحية والطبيعية، وحوسبة أعمال البلديات وربطها بالشبكة الالكترونية، والتوسع في استخدام نظام المعلومات الجغرافية في أعمال تخطيط وتنظيم المدن والاستفادة من البرامج الدولية الخاصة بتطوير البلديات، بالاضافة إلى مراجعة معادلة التحويلات الحكومية لضمان توزيع الدعم الحكومي بالشكل الذي يساهم في تمكين البلديات من تقديم خدماتها بسوية أعلى بما في ذلك تحسين قدراتها على تحصيل ايراداتها الذاتية.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الأشغال العامة والإسكان، فإن الحكومة ستتابع تنفيذ الخطة الإستراتيجية الشاملة لإستكمال شبكة الطرق الرئيسية في المملكة، وستولي الحكومة إهتماماً خاصاً للطرق الدائرية حول المدن الرئيسية لتخفيف الاختناقات المرورية، ولضبط وتوجيه النمو العمراني وتطوير المناطق المحيطة بتلك المدن، وفي المحافظات، فسوف يتم استكمال تنفيذ البرنامج الوطني للأبنية الحكومية. أما المراكز الحدودية فسوف تدخل في برنامجٍ خاص لتحديثها لتكون من حيث الشكل او المرفق او الأداء في المستوى الذي يعكس الصورة الحضارية المشرقة للأردن.

كما أن مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع الإسكان لتوفير السكن المناسب لمختلف شرائح الدخل وبشكل خاص ذوي الدخول المتوسطة والمتدنية، سوف يلقى التشجيع والعناية من الحكومة. وانطلاقاً من مبدأ الشراكة الفاعلة فإن المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري ستعمل مع القطاع الخاص على تطوير الأراضي السكنية، وستعمل على تسهيل حصول المستثمرين على أحكام تنظيم عصرية تشجع انطلاق مشاريع اسكانية توفر المنتج السكني المناسب.

وسوف تستمر الأجهزة التمويلية ذات العلاقة بدعم التمويل الإسكاني بالعمل على توفير التمويل المناسب للمستفيدين منه، وستحرص الحكومة على التوسع في المشاريع الإسكانية في مختلف محافظات المملكة وعلى تطوير المواقع المتدنية الخدمات، وبتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني ستقوم الحكومة بتخصيص مساحات مناسبة من الأراضي في المحافظات لتطويرها وتأمين البنية التحتية لها لإتاحة الفرصة لبناء السكن المناسب للمواطنين وذلك في إطار من الضوابط التي تضمن عدم المتاجرة بها.

ونظراً للدور الكبير لقطاع الإنشاءات باعتباره أحد المكونات الرئيسية للإقتصاد الوطني، ونظراً لتعدد الجهات العاملة في هذا القطاع، فإن الحكومة تدرس حالياً إمكانية إنشاء هيئة متخصصة لتنظيم قطاع الإنشاءات تتولى تطوير القطاع ورفع مستوى أدائه الفني والاقتصادي، بما في ذلك تزويده بالكفاءات المتميزة والاستمرار بدعم برنامج تدريب المهندسين حديثي التخرج.

وفي نفس الاتجاه فإن الحكومة تعكف حالياً على تنظيم قطاع المشتريات الحكومية لتوفير المزيد من الشفافية وتعزيز التنافسية وبالتالي تحسين إقتصاديات المشتريات.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإن الحكومة تولي هذا القطاع أهمية خاصة لما له من دور في بناء الاقتصاد المعرفي، وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وستستمر في تنفيذ السياسة العامة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد لتعزيز المنافسة لما فيه مصلحة المواطنين. وقد شهد مطلع هذا العام التحرير الكامل لسوق الاتصالات، الأمر الذي سيساهم في تحقيق نمو في حجم سوق الاتصالات الأردنية، وخلق المزيد من فرص العمل.

وفي هذا الإطار فإن الحكومة ستتابع تنفيذ برنامج واضح لتطوير إمكانات الأردن في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وذلك من خلال التوسع في إنشاء مراكز تكنولوجيا المعلومات في المحافظات على غرار القرية الالكترونية ومراكز الإبداع الشبابي ومحطات المعرفة في المدارس، إلى جانب الاستمرار في تنفيذ مشروع شبكة الألياف الضوئية للمدارس، واستكمال برنامج تدريب المتطوعين لتعليم التكنولوجيا في المجتمعات المحلية "شبكات الأردن"، وتشجيع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على نشر ثقافة ووعي تكنولوجيا المعلومات في المجتمع، واستكمال برنامج الحكومة الالكترونية كجزء من برنامج تطوير القطاع العام، بالإضافة إلى التوسع في برامج التدريب على مهارات الحاسوب لموظفي الحكومة.  وكذلك إطلاق عدد من المشاريع الهامة مثل بوابة الحكومة الإلكترونية ودليل الخدمات للمؤسسات الحكومية وربط مزيد من الدوائر والوزارات على شبكة الاتصال الحكومية والوصول إلى قرارات مناسبة بشأن الدفع الالكتروني.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

في مجال قطاع النقل، ونظراً لما يحتله هذا القطاع من أهمية متزايدة في الاقتصاد، حيث يوظف ما نسبته (2ر10%) من القوى العاملة الأردنية، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته، فإن الحكومة ستعمل على تطوير قطاع النقل، ليصبح أكثر فاعلية من خلال استكمال مشروع ميناء عمان البري الذي يأتي ضمن مشروع ممر عمان التنموي، وتطوير قطاع النقل العام في المدن الكبرى وتحويله إلى شركات كبيرة قادرة على تقديم الخدمات النوعية للمسافرين.

هذا إلى جانب استكمال عملية إعادة الهيكلة لسلطة الطيران المدني، وتطوير البنية التحتية للمطارات، وإنشاء مبنى جديد للمغادرين والقادمين في مطار الملكة علياء الدولي وبمواصفات عالمية قادرة على استيعاب الزيادة في أعداد المسافرين إلى ما بعد عام 2030، والعمل على رفع كفاءة وانتاجية العاملين في قطاع الطيران.

كما يجري العمل حالياً على إعداد الخطة الوطنية للسكك الحديدية التي سوف تربط المدن بعضها ببعض، وكذلك ربطها مع الدول الشقيقة المجاورة، بحيث يتم من خلال الدراسة تحديد المسارات لكل خط، ليكون جاهزاً للتنفيذ عند الحاجة وحسب الأولويات، هذا وستعمل الحكومة على إنشاء خط سكة حديد بين عمان والزرقاء.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الصحة، في ضوء تزايد النمو السكاني والحركة السكانية الداخلية، التي أدت إلى تضخم أعداد السكان في المدن، واستدعت ضرورة الارتقاء بالخدمات الصحية المطلوبة بما يتفق والمعايير الدولية، فإن الحكومة عازمة على تعزيز الخدمات الصحية من حيث رفع مستواها ونوعيتها، ومن حيث شمولها لأكبر عدد من السكان، وتوزيعها لتصل مختلف التجمعات السكانية في مختلف مناطق المملكة. وفي هذا الإطار فإنه يجري حالياً تزويد مستشفى الأمير حمزة بالكوادر البشرية والأجهزة والمعدات الطبية بعد أن تم استكمال عمليات الإنشاء تمهيداً لتشغيله.

كما ستتم المباشرة  بتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة لتأهيل مستشفى البشير، لتشمل بناء أقسام الجراحة والباطنية، بالإضافة إلى الخدمات المساندة، وذلك بعد أن تم الانتهاء من المرحلة الأولى لتأهيل المستشفى، والتي تمثلت بقسم النسائية والأطفال وبسعة ثلاثماية وعشرين سريراً.

واستجابة لاحتياجات المحافظات والألوية، فإن خطة الحكومة تتمثل في بناء مستشفيات جديدة حسب الأولويات، وإستكمال باقي المراكز الصحيـة. وستعمل الحكومة على توفير متطلبات المستشفيات والمراكز الصحية الأولية من الأدوية، وإعداد الخطة الوطنية للإسعاف والطوارئ. ومشروع قانون لإنشاء هيئة وطنية مستقلة للإسعاف والطوارئ.

ومع أن الأردن يعتز بأن مظلة التأمين الصحي تغطي أكثر من 66% من السكان إلا أن العمل جار على توسيع هذه المظلة. ولتعزيز مكانة الأردن في مجال السياحة العلاجية فإن الحكومة ستعمل على جعل المملكة واحة علاجية متميزة، حيث سيتم العمل على تأليف لجنة ملكية تناط بها مهمة إعداد اٍستراتيجية وطنية لتحقيق هذه الغاية.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال التنمية الاجتماعية، ولضمان تحسين نوعية حياة المواطنين، وخاصة الشرائح الأكثر احتياجاً، ولتحقيق المجتمع الآمن المتكافل الذي ينعم بالحياة الكريمة ويسهم بفاعلية في عملية التنمية الشاملة، فسوف تعمل الحكومة على تنظيم العمل الاجتماعي ومهننته وتطوير موارده البشرية، ووضع المعايير والضوابط اللازمة لاعتماد المؤسسات والمراكز التي تقدم الخدمات المتخصصة في ميادين العمل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية.

كما ستعمل الحكومة على تطوير سياسة العمل الاجتماعي من خلال مراجعة التشريعات التي تنظم العمل الإجتماعي، وتطويرها بما يواكب التغيرات الإجتماعية والإقتصادية، وتأثيرها على المجتمع الأردني، وبما يتواءم مع التطور التشريعي العام. كما ستعمل الحكومة على إلغاء الازدواجية في عمل صناديق العون الإجتماعي، من خلال بناء شبكة الأمان الإجتماعي، وإيجاد قاعدة بيانات شاملة عن الفقراء والمحتاجين، والتوسع في بناء مساكن الفقراء وذوي الدخول المحدودة، ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للحد من الفقر، إلى جانب معالجة ومتابعة التغيرات الإجتماعية والاقتصادية العامة، كالتفكك الأسري والعنف المنزلي ضد النساء والأطفال.

وستعمل الحكومة على تمكين المرأة وتعزيز دورها ومكانتها، بما يتلاءم مع الإستراتيجية الوطنية للمرأة والدور الريادي المناط بها في المجتمع، ووضع البرامج الحديثة لتعميق أمن الأسرة الأردنية وتماسكها وإستثمار قدرات أفرادها وتهيئة الظروف المناسبة لهم وحمايتهم، وخصوصاً ذوي الظروف والإحتياجات الخاصة.

ومن جانب أخر، وفي إطار الحفاظ على المجتمع ستعمل الحكومة على تحسين أوضاع مراكز الاصلاح وتطويرها، وفصل النزلاء حسب جرائمهم لمنع انتشار الجريمة، إضافة إلى العمل على تمكين النزلاء من الخروج الى المجتمع مؤهلين لبدء حياة نافعة لهم.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ستعمل الحكومة على تعزيز الالتزام بالمبادئ الإنسانية النبيلة التي جاء بها الإسلام، من خلال اعتماد الخطاب الديني المستنير والمعاصر، في المساجد، ودور القرآن الكريم، والمراكز الثقافية الإسلامية، ووسائل الإعلام المختلفة، انطلاقاً من  رسالة عمان في منهجها ومضامينها. وستعمل الحكومة على وضع الخطط اللازمة لتأهيل وتدريب الأئمة والوعاظ والخطباء وتزويد المساجد بإحتياجاتها منهم. وفي هذا الصدد سيتم العمل على إصدار نظام خاص لمركز الملك عبد الله الثاني أبن الحسين لتأهيل الأئمة والوعاظ. وكذلك ستعمل الحكومة على تعميق دور الوقف في تلبية حاجات المجتمع، وذلك بإصدار أنظمة للبرامج الوقفية الخيرية والإفتاء وصندوقي الحج والدعوة، والتوسع في إستثمارات الوقف وتنميته، وتفعيل العمل في مؤسسة تنمية أموال الأوقاف.

علاوة على ذلك ستعمل الحكومة على تطوير العمل في صندوق الزكاة، لتعزيز دوره في دفع مسيرة التنمية والمساهمة في حل مشكلات الفقر والبطالة، إلى جانب مواصلة اللجنة الملكية أعمالها لإعمار مساجد الصحابة والشهداء ومقاماتهم. ويرافق ذلك مواصلة الجهد الأردني المتميز في رعاية المسجد الأقصى المبارك، والإشراف على شؤون الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف والعناية بها، حفاظاً على الوجه العربي الإسلامي للمدينة المقدسة. وإنجاز منبر صلاح الدين الأيوبي منبر الأقصى الشريف، في صورة متميزة في أواخر هذا العام، بالإضافة إلى المباشرة بعدد من المشروعات الحيوية للمسجد المبارك.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال الإعلام، وتأكيداً على أهمية الإعلام ودوره الفعّال في العملية التنموية، وسعياً إلى إستعادة الإعلام الأردني لمكانته المتقدمة، فإن الحكومة ستعمل على إعادة بناء القدرات المؤسسية، وتوفير الموارد البشرية والمادية اللازمة، وتوفير الأسباب التي من شأنها أن تجعل من الإعلام إعلاماً حراً دون قيود، يلتزم بالمصلحة الوطنية ويتمسك بالمعايير المهنية المتطورة، وبقواعد وأحكـام مواثيق الشرف الإعلامي الذي يعكس التعددية الفكرية والسياسية، ويعبر عن مصالح شرائح المجتمع الأردني، وتشجيع وسائط الإعلام نحو ترويج العلم واحترام العقل وأن يرتكز الى الموضوعية، ويعبر عن هوية الأردن وإنجازاته.

كما سيتم اتخاذ المزيد من الخطوات على طريق تعزيز الحريات الإعلامية وإزالة الرقابة المسبقة على المواد الإعلامية، وحق الإعلام في الحصول على المعلومة.

كما أن الحكومة ملتزمة في النهوض بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، بهدف تحقيق النقلة النوعية المنشودة في هذا المرفق الإعلامي الهام. كما أن الحكومة تتطلع إلى مجلسكم الكريم لإقرار مشروع قانون المطبوعات والنشر، والقانون المؤقت لهيئة الإعلام المرئي والمسموع، كما ستحيل الحكومة لمجلسكم مشروع قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات لإقراره حسب الأصول الدستورية. وتتطلع الحكومة أيضاً، من خلال المركز الأردني للإعلام، إلى ترجمة رسالة الأردن الإعلامية، إضافة إلى تفعيل العلاقات الإعلامية في الخارج من خلال الملحقين الإعلاميين.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

وفي مجال العلاقات الخارجية، فقد كان الأردن وسيبقى جزءً من الأمة العربية، وفياً لإرثه القومي، وعاملاً من أجل مستقبل عربي مشرق. وإنطلاقاً من المصالح القومية الأردنية، والدور الهام الذي تلعبه المملكة على المستويين الإقليمي والدولي، ستتابع هذه الحكومة مختلف القضايا السياسية التي تهم الأردن، من خلال إدامة علاقات بناءة ومتوازنة مع كل الدول العربية الشقيقة، والعمل على التطوير العملي المثمر لهذه العلاقات في جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، ودعم الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله العادل من أجل الوصول إلى حقوقه المشروعة في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني من خلال عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وستعمل الحكومة على مواصلة تقديم العون للشعب العراقي الشقيق، في سعيه لإعادة الإعمار، والمحافظة على وحدته وسيادته، وعودته إلى ممارسة دوره الطبيعي في المنطقة، وفي المجتمع الدولي، كما ستضع الحكومة برامج مكثفة تستهدف تفعيل النشاط الاقتصادي للبعثات الدبلوماسية الأردنية، ومتابعة حوار الحضارات والأديان، وتعزيز دور وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية في نقل المفاهيم والصور الحقيقية عن العروبة والإسلام كدين تسامح ووسطية، ينبذ التطرف والعنف والإرهاب. كما ستعمل الحكومة على إبراز الصورة الحضارية للأردن، وبيان الرؤية الملكية في مجالات الإصلاح والتحديث والتنمية.

كما ستعمل الحكومة على المشاركة في معالجة القضايا العالمية مثل قضايا الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وتعزيز دور الأردن في المحافل الدولية، وخصوصاً دوره في الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والمشاركة الفاعلة في الاجتماعات الثنائية والمؤتمرات الإقليمية والدولية التي ترتبط بالمصالح القومية الأردنية، مثل اجتماعات الشـراكة الأوروبية – المتوسطية، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي،  ومتابعة تنفيذ اتفاقيات التعاون الثنائية، والاتفاقيات الدولية التي انضم الأردن إليها، والتأكد من الوفاء بالالتزامات المترتبة على تلك الاتفاقيات، بالإضافة إلى الاستمرار في بناء جهاز دبلوماسي قوي وكُفؤ ومؤهل على أساس التنافسية والكفاءة.

معالي الرئيس،

النواب المحترمون،

إن العالم من حولنا يتغير بسرعة هائلة وإن عنوان المرحلة يتمثل في رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله ورعاه، وهي "إسراع وتيرة الإصلاح، والمشاركة في القرار والمسؤولية، ووضع البرامج القابلة للتنفيذ وشمولية الإصلاح وعدم تجزئته".

إنكم، وأنتم تمثلون الأمة، تدركون الحاجة الماسة للنهوض بالأردن إلى المستوى الذي نطمح إليه جميعاً، ليكون في مصاف الدول المتقدمة، وهو أمر لا يتحقق إلا بالإنجاز المتواصل والعلم والديمقراطية والحكمانية الرشيدة، وحقوق الإنسان والتعددية، والعمل الدؤوب، ولا يصل الأمر إلى ذروته ولا يعطي أفضل ثماره، إلا من خلال التعاون والتفاهم بين السلطات جميعاً من ناحية، وبينها وبين منظمات المجتمع المدني، من ناحية أخرى.

إن وقوع الأخطاء لأمرٌ ممكن، ولكن استمرارها دون تصحيح أمر غير مقبول. وإن التحديات التي تواجه المنطقة تتطلب منا العمل كفريق واحد، نعم نختلف في الرأي، ولكن نتوافق في المصلحة الوطنية. ونحن في الحكومة ننشد منكم الدعم والمؤازرة بالرأي السديد، والمشورة المفيدة، والتواصل البناء. لا نضيق بنقد ولا نتبرّم من نصيحة.

إننا نطلب الثقة من مجلسكم الكريم على بياننا هذا، ونحن ملتزمون بتنفيذ ما ورد فيه، ومؤمنون بقدرة هذا البلد الأصيل على التفوق، وبإمكانات شعبنا الكبيرة لتحقيق التقدم، وبحقه علينا أن نطلق طاقات الإبداع والإنجاز الكامنة فيه، نعمل معاً من أجل ازدهار الأردن، نختلف ثم نأتلف في سبيل بناء مستقبله المشرق، مهما كانت الظروف صعبة، والمتغيرات معقدة.

نستلهم العزم والعزيمة من قائد البلاد وسيدها جلالة الملك المفدى عبد الله الثاني سدد الله خطاه، ونسعى الى التقدم والبناء والعمل، في إطار المحبة الدائمة، والمشاركة البناءة، والوطنية الصادقة، والانتماء الخالص، والولاء الكامل لمليكنا ووطننا وشعبنا في حواضره وبواديه، ومدنه وقراه، وسهوله وروابيه، نقدم التضحيات ونبذل ما نستطيع حتى يأخذ الأردن دوره المتقدم ومكانته الرفيعة.

والله ولي التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته